ذلك من أوثق فرص الشّيطان فى نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين. وإيّاك والمنّ على رعيّتك باحسانك ، أو التّزيّد فيما كان من فعلك (١) أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك ، فإنّ المنّ يبطل الاحسان ، والتّزيّد يذهب بنور الحقّ ، والخلف يوجب المقت عند اللّه والنّاس (٢) قال اللّه تعالى : «كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ»
وإيّاك والعجلة بالأمور قبل أوانها ، أو التّسقّط فيها عند إمكانها (٣) أو اللّجاجة فيها إذا تنكّرت (٤) أو الوهن عنها إذا استوضحت. فضع كلّ أمر موضعه ، وأوقع كلّ أمر موقعه.
وإيّاك والاستئثار بما النّاس فيه أسوة (٥) ، والتّغابى عمّا تعنى به ممّا قد وضح للعيون ، فإنّه مأخوذ منك لغيرك ، وعمّا قليل تنكشف عنك أغطية الأمور ،
__________________
(١) التزيد ـ كالتقيد ـ : إظهار الزيادة فى الأعمال عن الواقع منها فى معرض الافتخار
(٢) المقت : البغض والسخط
(٣) التسقط : من قولهم «تسقط فى الخبر يتسقط» إذا أخذه قليلا ، يريد به هنا : التهاون. وفى نسخة «التساقط» بمد السين ـ من «ساقط الفرس عدوه» إذا جاء مسترخيا
(٤) تنكرت : لم يعرف وجه الصواب فيها ، واللجاجة : الاصرار على منازعة الأمر ليتم على عسر فيه ، والوهن : الضعف
(٥) احذر أن تخص نفسك بشىء تزيد به عن الناس ، وهو مما تجب فيه المساواة من الحقوق العامة. والتغابى : التغافل. «وما يعنى به» مبنى للمجهول ـ أى : يهتم به