والهول ، والتّردّد ، والاستسلام (١) : فمن جعل المراء دينا لم يصبح ليله ، ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه ، ومن تردّد فى الرّيب وطئته سنابك الشّياطين (٢) ، ومن استسلم لهلكة الدّنيا والآخرة هلك فيهما قال الرضى : وبعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الاطالة والخروج عن الغرض المقصود فى هذا الباب
٣٢ ـ وقال عليه السلام : فاعل الخير خير منه ، وفاعل الشّرّ شرّ منه.
٣٣ ـ وقال عليه السلام : كن سمحا ولا تكن مبذّرا ، وكن مقدّرا ولا تكن مقتّرا (٣)
٣٤ ـ وقال عليه السلام : أشرف الغنى ترك المنى (٤).
__________________
(١) التمارى : التجادل لاظهار قوة الجدل لا لاحقاق الحق ، والهول ـ بفتح فسكون ـ : مخافتك من الأمر لا تدرى ما هجم عليك منه فتدهش ، والتردد : انتقاض العزيمة وانفساخها ، ثم عودها ، ثم انفساخها ، والاستسلام : إلقاء النفس فى تيار الحادثات ، أى : ما أتى عليها يأتى. والمراء ـ بكسر الميم ـ الجدل ، والديدن : العادة وقوله «لم يصبح ليله» أى : لم يخرج من ظلام الشك إلى نهار اليقين
(٢) الريب : الظن ، أى : الذى يتردد فى ظنه ولا يعقد العزيمة فى أمره تطؤه سنابك الشياطين ـ جمع سنبك ، بالضم ، وهو طرف الحافر ـ أى : تستزله شياطين الهوى فتطرحه فى الهلكة
(٣) المقدر : المقتصد ، كأنه يقدر كل شىء بقيمته فينفق على قدره ، والمقتر : المضيق فى النفقة ، كأنه لا يعطى إلا القتر ، أى : الرمقة من العيش
(٤) المنى : جمع منية ، وهى ما يتمناه الانسان لنفسه ، وفى تركها غنى كامل : لأن من زهد شيئا استغنى عنه