فزع المسلمون إلى قتال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بنفسه (١) ، فينزل اللّه عليهم النصر به ، ويأمنون مما كانوا يخافونه بمكانه وقوله «إذا احمر الباس» كناية عن اشتداد الأمر ، وقد قيل فى ذلك أقوال أحسنها : أنه شبه حمى الحرب بالنار (٢) التى تجمع الحرارة والحمرة بفعلها ولونها ، ومما يقوى ذلك قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وقد رأى مجتلد الناس يوم حنين (٣) وهى حرب هوازن : «الآن حمى الوطيس» فالوطيس : مستوقد النار ، فشبه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما استحر من جلاد القوم (٤) باحتدام النار وشدة التهابها.
* انقضى هذا الفصل ، ورجعنا إلى سنن الغرض الأول فى هذا الباب*
٢٦١ ـ وقال عليه السلام : لما بلغه إغارة أصحاب معاوية على الأنبار ، فخرج بنفسه ماشيا حتى أتى النخيلة (٥) فأدركه الناس ، وقالوا : يا أمير المؤمنين ، نحن نكفيكهم ، فقال : ما تكفوننى أنفسكم فكيف تكفوننى غيركم؟ إن كانت الرّعايا قبلى لتشكو حيف رعاتها ، وإنّنى اليوم لأشكو حيف رعيّتى ، كأنّنى المقود وهم القادة ، أو الموزوع وهم الوزعة (٦)!
__________________
(١) فزع المسلمون : لجأوا إلى طلب رسول اللّه ليقاتل بنفسه
(٢) الحمى ـ بفتح فسكون ـ مصدر «حميت النار» اشتد حرها
(٣) مجتلد : مصدر ميمى من الاجتلاد ، أى : الاقتتال
(٤) استحر : اشتد ، والجلاد : القتال.
(٥) النخيلة ـ بضم ففتح ـ : موضع بالعراق اقتتل فيه الامام مع الخوارج بعد صفين
(٦) المقود : اسم مفعول ، والقادة : جمع قائد ، والوزعة ـ محركة ـ جمع وازع بمعنى الحاكم ، والموزوع : المحكوم