قال الرضى : يقال : حشمه وأحشمه إذا أغضبه ، وقيل : أخجله ، «او حتشمه» طلب ذلك له ، وهو مظنة مفارقته
وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، حامدين للّه سبحانه على ما من به من توفيقنا لضم ما انتشر من أطرافه ، وتقريب ما بعد من أقطاره ، وتقرر العزم كما شرطنا أولا على تفضيل أوراق من البياض فى آخر كل باب من الأبواب ليكون لاقتناص الشارد ، واستلحاق الوارد ، وما عسى أن يظهر لنا بعد الغموض ، ويقع إلينا بعد الشذوذ ، وما توفيقنا إلا باللّه : عليه توكلنا ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وذلك فى رجب سنة أربعمائة من الهجرة (١) ، وصلى اللّه على سيدنا محمد خاتم الرسل ، والهادى إلى خير السبل ، وآله الطاهرين ، وأصحابه نجوم اليقين؟
__________________
(١) انتهى من جمعه فى سنة أربعمائة ، وأبقى أوراقا بيضا فى آخر كل باب رجاء أن يقف على شىء يناسب ذلك الباب فيدرجه فيه. وجامع الكتاب هو الشريف الحسينى الملقب بالرضى ، وذكر فى تاريخ أبى الفدا أنه : محمد بن الحسين بن موسى ابن إبراهيم المرتضى بن موسى الكاظم وقد يلقب «بالمرتضى» تعريفا له بلقب جده إبراهيم ، ويعرف أيضا بالموسوى. وهو صاحب ديوان الشعر المشهور ، ولد سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ، وتوفى سنة ست وأربعمائة ، رحمه اللّه رحمة واسعة ، والحمد للّه فى البداية والانتهاء ، والشكر له فى السراء والضراء. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء ، وعلى آله وصحبه أصول الكرم وفروع العلاء ، آمين.
قد تم بحمد اللّه وحسن تيسيره طبع الجزء الثالث من كتاب «نهج البلاغة» وهو يشتمل على : باب المختار من كتب أمير المؤمنين على بن أبى طالب إلى أعدائه وأمراء بلاده ، وباب المختار من حكمه وأجوبة مسائله وكلامه القصير فى سائر أغراضه ، وبتمام هذا الجزء تم مجموع ما اختاره الشريف أبو الحسن محمد الرضى من كلام أمير المؤمنين ، والحمد للّه الذى بنعمته تتم الصالحات. نسأل اللّه أن ينفع به ، وأن يجعل عملنا فيه سببا لبلوغ مرضاته ، آمين