فانظر إلى عظم ملك اللّه فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإنّ ذلك يطامن إليك من طماحك (١) ، ويكفّ عنك من غربك ، ويفى إليك بما عزب عنك من عقلك.
إيّاك ومساماة اللّه فى عظمته (٢) والتّشبّه به فى جبروته ، فانّ اللّه يذلّ كلّ جبّار ، ويهين كلّ مختال.
أنصف اللّه وأنصف النّاس من نفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيّتك (٣) ، فانّك إلاّ تفعل تظلم! ومن ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده ، ومن خاصمه اللّه أدحض حجّته (٤) وكان للّه حربا حتّى ينزع أو يتوب وليس شىء أدعى إلى تغيير نعمة اللّه وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم ، فانّ اللّه سميع دعوة المضطهدين وهو للظّالمين بالمرصاد
وليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها فى الحقّ ، وأعمّها فى العدل وأجمعها
__________________
(١) الطماح ـ ككتاب ـ : النشوز والجماح ، و «يطامن» أى : يخفض منه ، والغرب ـ بفتح فسكون ـ : الحدة ، ويفىء : يرجع إليك. بما عزب ـ أى : غاب ـ من عقلك.
(٢) المساماة : المباراة فى السمو ، أى : العلو
(٣) من لك فيه هوى ، أى : لك إليه ميل خاص
(٤) أدحض : أبطل ، و «حربا» أى : محاربا ، و «ينزع» ـ كيضرب ـ أى : يقلع عن ظلمه.