يُحجّه أو يحج عنه فمات الأب وأدرك الغلام بعد فأتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فسأله عن ذلك فأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن يحج عنه مما ترك أبوه» وقد عمل به جماعة ، وعلى ما ذكرنا لا يكون مخالفاً للقاعدة (*) كما تخيله سيّد الرياض وقرره عليه صاحب الجواهر وقال : إن الحكم فيه تعبدي على خلاف القاعدة (١).
______________________________________________________
(١) قد عرفت مما تقدم أن مقتضى القاعدة بطلان النذر مطلقاً سواء تعلق بالحج مباشرة أو بالإحجاج مطلقاً أو معلقاً ، لأنّ الموت يكشف عن عدم القدرة فلا ينعقد النذر من أصله ، وقد عرفت أيضاً أن نذر الإحجاج لا يجعله مديناً ، بل لو تعلّق النذر بنفس إعطاء المال وبذله لا يكون مديناً ، غاية الأمر يجب عليه إعطاء المال كما يجب عليه الإحجاج. وبالجملة : متعلق النذر في كلا الموردين عمل وفعل من الأفعال ، ولا يصير مديناً حتى يجب قضاؤه من الأصل ، وبالموت ينكشف البطلان وعدم الانعقاد. نعم ، مقتضى صحيح مسمع (١) المذكور في المتن وجوب القضاء في نذر الإحجاج وقد عمل به المشهور ، فوجوب القضاء مما لا كلام فيه.
إنما الكلام في أنه يخرج من الأصل أو من الثلث ، ولم يصرح في خبر مسمع بشيء منهما وإنما المذكور فيه أنه يخرج مما ترك أبوه ، ومقتضى إطلاقه جواز الخروج من الأصل ، ويعارضه ما تقدم من الصحيحتين صحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالّتين على الخروج من الثلث ، ومقتضى الجمع بينهما وجوب القضاء من الثلث ، وقد ذكرنا غير مرة أن الصحيحتين وإن أعرض عنهما الأصحاب ولم يعملوا بهما في موردهما إلّا أنه لا عبرة بالاعراض ولا يوجب سقوط الخبر عن الحجِّيّة.
فتلخص من جميع ما ذكرنا أن نذر الحجّ المباشري لا يجب القضاء عنه لا من
__________________
(*) بل هو على خلاف القاعدة ، لكنه مع ذلك لا مناص من العمل به وحمله على لزوم الإخراج من الثلث جمعاً بينه وبين صحيحتي ضريس وابن أبي يعفور.
(١) الوسائل ٢٣ : ٣١٦ / كتاب النذر ب ١٦ ح ١.