وهل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصاً بصورة الحاجة إليها لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقة عليه أو منافياً لشرفه أو يشترط مطلقاً ولو مع عدم
______________________________________________________
المريض والمسجّى الذي لا يقدر على المشي أصلاً حتى في داره وبلده ، وليس المراد به المشي إلى الحجّ.
وبعبارة اخرى : الصحيحة في مقام بيان وجوب الحجّ على كل من كان قادراً على المشي ، وكان متمكناً منه في بلده في مقابل المريض الذي لا يتمكن من المشي ، فالرواية أجنبية عمن يطيق المشي ويتمكّن منه بجهد ومشقة. وأمّا الذين حجّوا مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فلم يعلم أن حجهم كان حجّة الإسلام ، ويحتمل كون حجّهم حجّا ندبيّاً ، وإن فرض أوّل سنتهم ، فإنّ الحجّ يستحبّ للمتسكع ، ولم يكن مسقطاً عن حجّة الإسلام ، وأما ذكر الإمام (عليه السلام) هذه القضية فليس للاستشهاد ، وإنما نقلها لمناسبة ما.
وبالجملة : لو سلمنا ظهور هذه الرواية في عدم اعتبار الراحلة فلا ريب أن ظهورها ليس بأقوى من ظهور تلك الروايات المتقدمة الدالة على اعتبار الراحلة ، بل تلك الروايات أظهر ، فنرفع اليد عن ظهور هذه الصحيحة لأجل أظهرية تلك الروايات.
فتحصل : أن المستفاد من الروايات اعتبار الزاد والراحلة مطلقاً حتى في حق القادر على المشي ، وبها نقيد الآية الشريفة ، وتحمل الآية على ما في الروايات ، ولا سيما أن الروايات واردة في تفسير الاستطاعة المذكورة في الآية ، وأمّا ما دلّ على كفاية التمكّن من المشي ، وعدم الاعتبار بالراحلة ، فلم يعمل بمضمونه أحد من الأصحاب حتى القائل بكفاية التمكن من المشي ، لأن مورد هذه الروايات حرجي وهو منفي في الشريعة المقدّسة.
ويؤيد بل يؤكد ما ذكرنا أن الحجّ لو كان واجباً على من تمكّن من المشي وإن لم يكن له راحلة ، لكان وجوبه حينئذ من جملة الواضحات لكثرة الابتلاء بذلك ، مع أنه