أنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، نا عبيد الله بن عثمان الدقاق ، نا محمّد بن أحمد الحكيمي ، نا ميمون بن مهران (١) الكاتب ، نا الحسين بن أبي المنذر ، قال : كان أبو نواس يشرب عند عبيد بن المنذر فبات ليلته ثم قال : لا بد لي من عسى (٢) فقوموا بنا فأتيناها ودخلنا حانة خمار قد كان يعرفه ، ومعه غلام قد كان أفسده على أبويه وغيبه عنهما ، ونحن في موضع أطيب موضع ، فذكرنا الجنة وطيبها ، والمعاصي وما يحول منها وهو ساكت فقال :
يا ناظرا في الدين والأمر |
|
لا قدر صحّ ولا خبر (٣) |
ما صح عندي من جميع الذي |
|
تذكر إلّا الموت والقبر |
فامتعضنا من قوله وأطلنا توبيخه فأعلمنا ، أنا نتخوف صحبته فقال : ويلكم ـ والله ـ إني لأعلم ما تقولون ولكن المجون يفرط علي ، وأرجو أن أتوب فيرحمني الله عزوجل ثم قال (٤) :
أية (٥) نار قدح القادح |
|
وأي خلد بلغ المازح |
لله در الشيب من واعظ |
|
وناصح لو حذر (٦) الناصح |
يأبى الفتى إلّا اتّباع الهوى |
|
ومنهج الحقّ له واضح |
فاعمد (٧) بعينيك إلى نسوة |
|
مهورهن العمل الصالح |
لا يجتلي العذراء من خدرها |
|
إلا أمير (٨) ميزانه راجح |
من اتّقى الله فذاك الذي |
|
سيق إليه المتجر الرابح |
فاغمد (٩) فما في الدين أغلوطة |
|
ورح بما أنت له رائح |
__________________
(١) تاريخ بغداد : هارون.
(٢) كذا بالأصل مهملة ، وفي تاريخ بغداد : «عمى» وبالحاشية كتب مصححه : كذا بالأصل.
(٣) تاريخ بغداد : ما الأمر .. ولا جبر.
(٤) الأبيات في ديوانه ص ٦١٨ وتاريخ بغداد ٧ / ٤٤٢.
(٥) عن الديوان وبالأصل «أنت».
(٦) الديوان : سمع.
(٧) الديوان : «فاسم» ، والمراد بالنسوة حور الجنة.
(٨) الديوان : لا يجتلى الحوراء .. إلّا امرؤ.
(٩) الديوان : شمّر.