ثم قال : هذا عمل الشيطان ألقى أكثر الكلام ، ليفسد قومكم (١) فلم نزل في أطيب موضع ، فلما أردنا الانصراف قالوا : أمهلوا ثم أنشدنا (٢) :
يا رب مجلس فتيان لهوت به |
|
والليل مستحلس (٣) في ثوب ظلماء |
نسف (٤) صافية من صدر خابية |
|
تغشي عيون نداماها بلألاء |
قال ميمون بن هارون : قال لي إبراهيم بن المدبر (٥) ، قال الجاحظ : لا أعرف من كلام الشعر كلاما هو أرفع ولا أحسن من قول أبي نواس :
أنت نار قدح القادح
وأنشد هذا الشعر.
أخبرنا أبو العز بن كادش ، أنا أبو يعلى بن الفراء ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن سويد ، أنا أبو علي الكوكبي ، أنشدنا أبو عكرمة يعني الضّبّي لأبي نواس :
ومدامة تنقي القذى عن وجهها |
|
كالوهم ليس بجدها بضعات |
إن شئت قلت شعاع شمس دونها |
|
لفواقع منها على الحافات |
كان الزمان يذود عنها صرفه |
|
فإني بها عطلا من الآفات |
أنبأنا أبو السعود أحمد بن علي ـ إجازة ومناولة ، وتوفي قبل أن يتفق لي سماعه ـ أنا القاضي أبو الحسين محمّد بن علي بن محمّد بن المهتدي بالله ، قال : وجدت في كتابي أبي القاسم عبيد الله بن سليمان الرازي ولم أسمعه أنا من ابن القاهر بالله ، نا جحظة ، حدّثني أبو هفّان قال : استنشدت أبا نواس :
لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند (٦)
فلما فرغ منها سجدت ، فقال : ألم أنهك عن هذا والله لا كلمتك مدة فغمّني ذلك ،
__________________
(١) تاريخ بغداد : نومكم.
(٢) من أبيات في ديوانه ص ٧٠١ تحت عنوان «ذخر حواء» وتاريخ بغداد ٧ / ٤٤٢.
(٣) الديوان : سموت له .. والليل محتبس.
(٤) الديوان : لشرب.
(٥) تاريخ بغداد : المنذر.
(٦) مطلع قصيدة بعنوان «نشوتان» ديوانه ص ٢٧ وعجزه :
واشرب على الورد من حمراء كالورد