ولم يخضع لنفوذ الشاه وفي خريف سنة ٩١٤ بينما كان الشاه في ربوع همذان عزم أن يستولي على بغداد بإخضاع صاحبها فأرسل لهذه المهمة أحد قواده المشهورين خليل بيك يساول وهو من المحنكين المجربين فتوجه إلى مدينة دار السلام بصفته رسولا من جانب الشاه بغرض أن يقف على الحالة ويختبر الأمر مباشرة ...
فلما علم صاحب بغداد بقدوم رسول الشاه بعث لاستقباله جماعة من خيرة رجاله فاستقبلوه بعز واحترام وجاؤوا به إلى بغداد فاجتمع بالوالي (باريك بك) في بستان ميرزا پير بوداق فأدى للرسول مراسم التكريم والاحترام وأبدى الوالي الخضوع للشاه وأنه طائع منقاد ... وأرسل الوالي أحد أمرائه وهو إسحاق الدباس السيرجي (١) ومعه تحف وهدايا برسم تقديمها للشاه ويظهر الطاعة له. فغادر أبو إسحاق بغداد ومعه خليل بيك رسول الشاه فوردوا إليه وقدم أبو إسحاق الهدايا من سيده وقال له إنه أذعن بالطاعة ...
إن الشاه كان يأمل أن يجيء إليه باريك بيك بنفسه ولذا لم ينظر إلى الهدايا بعين الرضى ولكنه أبدى لأبي إسحاق لطفا وكرما وأذن له بالانصراف وأن يبلغ سيده باريك بيك أنه لا حاجة له بالهدايا وإنما يريد أن يأتيه باريك بيك طائعا لينال كل عاطفة وإلا فإنه إذا توسل بالخداع وعكر فسوف ينال العقوبة الصارمة فانصرف أبو إسحاق من الشاه وعاد إلى بغداد فعرض لسيده مطالب الشاه (٢).
أما باريك فإنه أبدى في أول الأمر طاعته بصورة ظاهرية وبعد مدة أخذ يتأهب ويستعد لبناء القلاع وجمع الأرزاق والمؤونة وفرض على
__________________
(١) ورد شيرجي أيضا ، والأكثر بالشين.
(٢) في أحسن التواريخ أن الهدايا وقعت موقع الاستحسان ، ورخص أبا إسحاق بالعودة إلى بغداد ، ثم سار هو ...