الكلام وفي كتاب الله تُرك فيها الهمز كما تُرِك في المَلَك وأَصلُه مَلأَك ، وفي النّبيّ وأصلُه الهمز. وكان أبو الهَيْثم طوّل الكلام فيهما ردّ على أبي عبيدة ، فاختصرتُ منه مجامِعَ مقاصِدِه ، وربّما غيّرتُ بعضَ ألفاظه والمعنى معناه.
وأخبرني المنذريُّ عن أبي العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : سورة كل شيء : حدّه.
وسورة المجد علامته وأثره وارتفاعه.
حدثنا حنظلة بن أبي سفيان قال : حدثنا سعيد بن مينا قال : حدثنا جابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه : «قوموا لقد صنع جابر سُورا»، قال أبو العباس : وإنما يراد من هذا أن النبي صلىاللهعليهوسلم تكلّم بالفارسية «صنع سُورا» أي : طعاما دعا الناس إليه.
وأخبرني عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : السُّورة : الرِّفْعة : وبها سُمِّيتْ السُّورة من القرآن! أي : رِفْعة وخَيْر ، فَوافَق قولُه قولَ أبي عبيدة.
قلتُ : والبَصْريّون جَمَعوا السُّورة والصُّورة وما أشبهَهَا على صُوَر وصُوْر ، وسُوَر وسُوْر ، ولم يميّزوا بين ما سبقَ وُحْدانَه الجمعُ وسبق الجمعَ الوُحْدانُ ، والّذي حكاه أبو الهيثم هو قولُ الكوفيّين ، وهو يقول به إن شاء الله.
وأما قولُ الله جلّ وعزّ : (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) [الكهف : ٣١] ، وقال تعالى في موضع آخَر : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان : ٢١] ، وقال أيضا : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) [الزخرف : ٥٣] ، فإن أبا إسحاق النحويَّ قال : الأَساوِرَ جمعُ أَسْوِرَة ، قال : وأَسْوِرَة جمعُ سِوار ، والأَسْوار : من أَساوِرَة الفُرْس ، وهو الحاذِقُ بالرَّمْي يُجمَع على أَساوِرَ أيضا ؛ وأنشد :
ووَتَّر الأَساوِرُ القِياسَا |
صُغْدِيّةٌ تنتزع الأَنْفاسَا |
والقُلْبُ من الفضّة يسمَّى أيضا سُوارا ، وإن كان من الذّهب فهو أيضا سِوار ، وكلاهما لِباسٌ لأهل الجنّة أحَلَّنا الله تعالى فِيها برَحمتِه.
أبو عبيد عن الكسائي : هو سِوار المرأة وسُوارها : ورجلٌ أسوار من أساورة فارس ، وهو الفارس من فرسانهم المقاتل.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : يقال للرجل سُرْسُرْ : إذا أَمَرْتَه بمعَالي الأمور.
قال : والسُّورة من القرآن : معناها : الرِّفعة لإجلال القرآن ، وقد قال ذلك جماعة من أهل اللّغة ، والله تعالى أعلم بما أراد.
سري : قال الله جلّ وعزّ : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ) [الإسراء : ١] ، وقال في موضع آخر : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)) [الفجر : ٤] ، فنزل القرآنُ باللُّغتين.
ورَوَى أبو عُبَيد عن أصحابه : سَرَيْتُ بالليل ، وأَسرَيْتُ ، وَأنشَد هو أو غيره :