وقال أبو الهيثم : العَرَب تقول : استَوَى الشيءُ مع كذا وكذا أو بكذا ، إلّا قولهم للغلام إذا تمَّ شَبابُه : قد استوَى. قال : ويقال : استوَى الماءُ والخَشَبَة ، أي : مع الخَشَبةِ ، الواو ههنا بمعنَى مع.
وقال الليث : يقال في البَيْع لا يُساوِي : أي لا يكون هذا مع هذا الثَّمن سِيَّيْن.
ويقال : ساويت هذا بذاكَ : إذا رفعتَه حتى بلغَ قدرَه وَمبلَغه ، وقال الله جلّ وعزّ : (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) [الكهف : ٩٦] ، أي : سوَّى بينها حين رفع السّدِّ بينهما.
أبو عُبيد عن الفرّاء : يقال : لا يُساوِي الثوبُ وغيرُه كذا وكذا ، ولم يَعرِف يَسْوِي.
وقال الليث : يَسوَى نادرةٌ ، ولا يقال منه سَوِي ، ولا سَوَى كما أنّ نكراء جاءت نادرةً ، ولا يقال لذَكرِها أَنْكُر. قال : ويقولون : نَكِرَ ولا يقولون : يَنكَرُ.
قلت : وقول الفرّاء صحيح ، وقولُهم : لا يَسوَى ليس من كلام العرب ، وهو من كلام المولَّدين ، وكذلك لا يُسْوَى ليس بصحيح.
ويقال : ساوَى الشيءُ الشيءَ : إذا عادَلَه ، وساوَيْتُ بين الشيئين : إذا عَدَلْتَ بينهما ، وسَوّيتَ.
ويقال : تَساوَت الأمورُ واستوتْ ، وتساوَى الشيئان واستَوَيا بمعنًى واحد ، وأما قولُ الله جلّ وعزّ : (فَقَدْ ضَلَ سَواءَ السَّبِيلِ) [البقرة : ١٠٨].
فإنّ سلمة رَوَى عن الفرّاء أنّه قال : (سَواءَ السَّبِيلِ) قصْد السبيل ، وقد يكون «سواءٌ» في مذهب «غير» كقولك : أتيتُ سِواءك ، فتمدّ.
الحرّاني عن ابن السّكيت قال : سَواء ممدود بمعنى وَسَط.
قال : وحَكَى الأصمعيّ عن عيسى بن عمرَ : انقطع سَوائي أي وَسَطي ، قال : وسِواءٌ وسَوَى بمعنى غير وكذلك سُوًى.
قال : وسَواء بمعنَى العَدْل والنَّصَفة.
قال الله جلّ وعزّ : (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) [آل عمران : ٦٤] ، أي : عَدْلٍ.
وقال زُهَيْر :
أَرُونِي خُطّةً لا عَيْب فيها |
يُسوِّي بينَنا فيها السَّواءُ |
وقول ابن مقبل :
أردّا وقد كان المزار سواهما |
على دُبر من صادر قد تبدّدا |
قال يعقوب في قوله : وقد كان المزار سواهما ، أي : وقع المزار على سواهما أخطأهما. يصف مزادتين ، وإذا تنحى المزار عنهما استرختا ولو كان عليهما لرقعهما ، وقلَّ اضطرابهما.
وقال أبو الهيثم نحوه ، وزاد فقال : يقال : فلان وفلان سواعد ، أي : متساويان ، وقومٌ سَواء لأنّه مصدر لا يثنى ولا يُجمَع.