استثني مضمرا وهو مردود بمخالفة النظائر اذ لا يجمع بين فعل وحرف يدل على معناه لا بإظهار ولا باضمار ولو جاز ذلك لنصب ما ولي ليت وكأنّ بأتمنى واشبه وفي الاجماع على امتناع ذلك دلالة على فساد اضمار استثني واذا بطلت هذه المذاهب تعين القول بان الناصب للمستثنى هو الّا لا غير واعلم ان المنصوب بالّا على اربعة اضرب فمنه ما يتعين نصبه ومنه ما يختار نصبه ويجوز اتباعه للمستثنى منه ومنه ما يختار نصبه متصلا ويجوز رفعه على التفريغ ومنه ما يختار اتباعه ويجوز نصبه على الاستثناء فان كان الاستثناء متصلا وتأخر المستثنى عن المستثنى منه وتقدم على الّا نفي لفظا او معنى او ما يشبه النفي وهو النهي والاستفهام للانكار اختير الاتباع مثال تقدم النفي لفظا ما قام احد الا زيد وما مررت باحد الا زيد ومثال تقدم النفي معنى كقول الشاعر
وبالصريمة منهم منزل خلق |
|
عاف تغير الّا النؤي والوتد |
وقول الآخر
لدم ضائع تغيّب عنه |
|
اقربوه الّا الصبا والدبور |
فانّ تغير بمعنى لم يبق على حاله وتغيب بمعنى لم يحضر ومثال تقدم شبه النفي قولك لا يقم احد الّا عمرو وهل اتى الفتيان الّا عامر ونحوه قوله تعالى. (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ. وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ.) المعنى ما يغفر الذنوب الّا الله وما يقنط من رحمة ربه الا الضالون فالمختار فيما بعد الّا من هذه الامثلة ونحوها اتباعه لما قبلها لوجود الشروط المذكورة ونصبه على الاستثناء عربي جيد والدليل على ذلك قراءة ابن عامر قوله تعالى. ما فعلوه الا قليلا منهم. وان سيبويه روى عن يونس وعيسى جميعا ان بعض العرب الموثوق بعربيتهم يقول ما مررت باحد الّا زيدا وما اتاني احد الا زيدا والاتباع في هذا النوع على الابدال عند البصريين وعلى العطف عند الكوفيين قال ابو العباس ثعلب كيف تكون بدلا وهو موجب ومتبوعه منفي واجاب السيرافي بان قال هو بدل منه في عمل العامل فيه وتخالفهما بالنفي والايجاب لا يمنع البدلية لان مذهب البدل فيه ان يجعل الاول كأنه لم يذكر والثاني في موضعه وقد يتخالف الموصوف والصفة نفيا واثباتا نحو مررت برجل لا كريم ولا لبيب وان كان الاستثناء منقطعا وجب نصب ما بعد الّا عند جميع العرب الّا بني تميم فانهم قد يتبعون في غير الايجاب المنقطع المؤخر عن المستثنى منه بشرط صحة الاستغناء عنه