خلافا لزاعمي ذلك ويدل على ان الناصب هو الّا انها حرف مختص بالاسماء غير منزل منها منزلة الجزء وما كان كذلك فهو عامل فيجب في الّا ان تكون عاملة ما لم تتوسط بين عامل مفرغ ومعمول فتلغى وجوبا ان كان التفريغ محققا نحو ما قام الّا زيد وجوازا ان كان مقدرا نحو ما قام احد الّا زيد فانه في تقدير ما قام الّا زيد لان احد مبدل منه والمبدل منه في حكم المطروح فان قيل لا نسلم ان الّا مختصة بالاسماء لان دخولها على الفعل ثابت كقولهم نشدتك الله الّا فعلت وما تأتيني الّا قلت خيرا وما تكلم زيد الا ضحك سلمنا انها مختصة لكن ما ذكرتموه معارض بان الّا لو كانت عاملة لاتّصل بها الضمير ولعملت الجرّ قياسا على نظائرها فالجواب ان الّا انما تدخل على الفعل اذا كان في تأويل الاسم فمعنى نشدتك الله الّا فعلت ما اسألك الّا فعلك ومعنى ما تأتيني الّا قلت خيرا وما تكلم زيد الّا ضحك ما تأتيني الّا قائلا خيرا وما تكلم زيد الّا ضاحكا ودخول الّا على الفعل المؤل بالاسم لا يقدح في اختصاصها بالاسماء كما لم يقدح في اختصاص الاضافة بالاسماء الاضافة الى الافعال لتأولها بالمصدر في نحو يوم قام زيد قوله ولو كانت الّا عاملة لاتّصل بها الضمير ولعملت الجر قلنا القياس في كل عامل اذا دخل على الضمير ان يتصل به ولكن منع من اتصال الضمير بالّا أن الانفصال ملتزم في التفريغ المحقق والمقدر فالتزم مع عدم التفريغ ليجري الباب على سنن واحد واما قولكم لو كانت الّا عاملة لعملت الجرّ فممنوع لان عمل الجرّ انما هو للحروف التي تضيف معاني الافعال الى الاسماء وتنسبها اليها والّا ليست كذلك فانها لا تنسب الى الاسم الذي بعدها شيئا بل تخرجه من النسبة فقط فلما خالفت الحروف الجارة لم تعمل عملها وعملت النصب وذهب السيرافي الى ان الناصب هو ما قبل الّا من فعل او غيره بتعدية الّا ويبطل هذا المذهب صحة تكرير الاستثناء نحو قبضت عشرة الّا اربعة الّا اثنين اذ لا فعل في المثال المذكور الّا قبضت فاذا جعل متعديا بالّا لزم تعديته الى الاربعة بمعنى الحط والى الاثنين بمعنى الجبر وذلك حكم بما لا نظير له اعني استعمال فعل واحد معدى بحرف واحد لمعنيين متضادين وذهب ابن خروف الى ان الناصب ما قبل الّا على سبيل الاستقلال ويبطله انه حكم بما لا نظير له فان المنصوب على الاستثناء بعد الّا لا مقتضى له غيرها لانها لو حذفت لم يكن لذكره معنى فلو لم تكن عاملة فيه ولا موصلة عمل ما قبلها اليه مع اقتضائها اياه لزم عدم النظير فوجب اجتنابه وذهب الزجاج الى ان الناصب