وتعالى اليه هم المخلصون الذين لا سلطان للشيطان عليهم فمن اتبعك غير مخرج منهم فليس بمستثنى متصل وانما هو مستثنى منقطع مخرج مما افهمه الكلام والمعنى والله اعلم ان عبادي ليس لك عليهم سلطان ولا على غيرهم الّا من اتبعك من الغاوين ومنها قوله تعالى. (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى.) فالموتة الاولى مستثنى منقطع مخرج مما افهمه لا يذوقون فيها الموت من نفي تصوره للمبالغة في نفي وقوعه كأنه قيل لا يذوقون فيها الموت ولا يخطر لهم ببال الّا الموتة الاولى ومنها قولهم له عليّ الف الّا الفين وان لفلان مالا الّا انه شقي وما زاد الّا ما نقص وما نفع الّا ما ضرّ وما في الارض اخبث منه الّا اياه وجاء الصالحون الّا الطالحين فالاستثناء في هذه الامثلة كلها على نحو ما تقدم فالاول على معنى له عليّ الف لا غير الّا الفين والثاني على معنى عدم فلان البؤس الّا انه شقي والثالث على معنى ما عرض له عارض الّا النقص والرابع على معنى ما افاد شيئا الّا الضرّ والخامس على معنى ما يليق خبثه باحد الّا اياه والسادس على معنى جاء الصالحون وغيرهم الّا الطالحين كأن السامع توهم مجيء غير الصالحين ولم يعبأ بهم المتكلم فأتى بالاستثناء رفعا لذلك التوهم ومن امثلة المستثنى المنقطع الآتي جملة قولهم لافعلنّ كذا وكذا الّا حلّ ذلك ان افعل كذا وكذا قال السيرافي الّا بمعنى لكن لان ما بعدها مخالف لما قبلها وذلك ان قوله والله لأفعلن كذا وكذا عقد يمين عقده على نفسه وحله ابطاله ونقضه كأنه قال عليّ فعل كذا معقودا لكن ابطال هذا العقد فعل كذا قال الشيخ رحمهالله وتقدير الاخراج في هذا ان يجعل قوله لأفعلنّ كذا بمنزلة لا ارى لهذا العقد مبطلا الّا فعل كذا وجعل ابن خروف من هذا القبيل قوله تعالى. (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ.) على ان تكون من مبتدأ ويعذبه الخبر ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الجزاء وجعل الفراء من هذا قراءة من قرأ. فشربوا منه الا قليل منهم. على تقدير الّا قليل منهم لم يشرب ويمكن ان يكون من هذا قراءة ابن كثير وابي عمرو. (إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ.) وبهذا التوجيه يكون الاستثناء في النصب والرفع من نحو قوله تعالى. (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ.) وهو اولى من ان يستثنى المنصوب من اهلك والمرفوع من احد واذ قد عرفت هذا فاعلم ان الاسم المستثنى بالّا في غير تفريغ يصح نصبه على الاستثناء سواء كان متصلا او منقطعا والى هذا اشار بقوله. ما استثنت الّا مع تمام ينتصب.
والناصب لهذا المستثنى هو الّا لا ما قبلها بتعديتها ولا به مستقلا ولا بأستثني مضمرا