ومعرّف ان من شرط التمييز تقدم عامله عليه وسيأتي ذكر ذلك ان شاء الله تعالى وقولي من ابهام في اسم مجمل الحقيقة او من اجمال في نسبة العامل الى فاعله او مفعوله بيان لان التمييز على نوعين احدهما ما يبين ابهام ما قبله من اسم مجمل الحقيقة وهو ما دل على مقدار او شبهه فالدال على مقدار ما دل على مساحة نحو ما له شبر ارضا وما في السماء قدر راحة سحابا او وزن نحو له منوان عسلا ورطل سمنا او كيل نحو له قفيزان برّا ومكوكان دقيقا او عدد نحو احد عشر كوكبا واربعين ليلة واما الدال على شبه المقدار فنحو قوله تعالى. (مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً.) وذنوب ماء وحب برّا وراقود خلا وخاتم حديدا وباب ساجا ولنا امثالها ابلا وغيرها شاء والنوع الثاني ما يبين اجمالا في نسبة العامل الى فاعله او مفعوله نحو طاب زيد نفسا وقوله تعالى.
(وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً.) فان نسبة طاب الى زيد مجملة تحتمل وجوها ونفسا مبيّن لاجمالها ونسبة فجرنا الى الارض مجملة ايضا وعيونا مبين لذلك الاجمال ومثل ذلك تصبب زيد عرقا وتفقأ الكبش شحما وقوله تعالى. (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً). وهم احسن اثاثا. وسرعان ذا اهالة ومثله ايضا ويحه رجلا وحسبك به فارسا ولله دره انسانا لانه في معنى ذي النسبة المجملة فكأنه قيل ضعف رجلا وكفاك فارسا وعظم انسانا واعلم ان تمييز المفرد ان بيّن العدد فهو واجب الجرّ بالاضافة او واجب النصب على التمييز كما سنذكره في بابه وان بين غير العدد فحقه النصب ويجوز جره باضافة المميز اليه الّا ان يكون مضافا الى غيره مما لا يصح حذفه فيقال ما له شبر ارض وله منوا سمن وقفيزا برّ وذنوب ماء ورافود خل وخاتم حديد ويقال في نحو هو احسن الناس رجلا هو احسن رجل لان حذف المضاف اليه غير ممتنع فلو كان المميز مضافا الى ما لا يصح حذفه تعين نصب المميز وذلك نحو ما فيها قدر راحة سحابا وله جمام المكوك دقيقا وكقوله تعالى. (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً.) وقد نبه على هذا بقوله
وبعد ذي ونحوها اجرره إذا |
|
أضفتها كمدّ حنطة غذا |
والنّصب بعد ما أضيف وجبا |
|
إن كان مثل مل الارض ذهبا |
الاشارة بذي الى ما دلّ على مساحة او كيل او وزن فيفهم من ذلك ان التمييز بسد العدد لا يجيء بالوجهين وقوله والنصب بعد ما اضيف وجبا البيت مبين ان جواز الجرّ مشروط بخلو المميز عن الاضافة اذا كان مما لا بصح فيه حذف المضاف اليه