في الحقيقة فاعل الفعل المتعجب منه ولكن دخلت عليه همزة النقل فصار الفاعل مفعولا بعد اسناد الفعل الى غيره وتقول اصدق بهما كما تقول احسن بزيد وقد اشتمل هذا البيت على بيان احتياج افعل الى المفعول وعلى تمثيل صيغتي التعجب
وحذف ما منه تعجّبت استبح |
|
إن كان عند الحذف معناه يضح |
المراد بالمتعجب منه المفعول في ما افعله والمجرور في افعل به وفيه تجوز لان المتعجب منه هو فعله لا نفسه الّا انه حذف منه المضاف واقيم المضاف اليه مقامه للدلالة عليه واعلم انه لا يجوز حذف المتعجب منه لغير دليل اما في نحو ما افعله فلعرائه اذ ذاك عن الفائدة لو قلت ما احسن وما اجمل لم يكن كلاما لان معناه ان شيئا صيّر الحسن واقعا على مجهول وهذا مما لا ينكر وجوده ولا يفيد التحدث به واما نحو افعل به فلا يحذف منه المتعجب منه لانه الفاعل وان دل على المتعجب منه دليل وكان المعنى واضحا عند الحذف جاز تقول لله در زيد ما اعفّ وامجد كما قال علي كرم الله وجهه
جزى الله عني والجزاء بفضله |
|
ربيعة خيرا ما اعفّ واكرما |
وتقول احسن بزيد واجمل كما قال الله تعالى. (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ.) واكثر ما يستباح الحذف في نحو افعل به إذا كان معطوفا على آخر مذكور معه الفاعل كما في الآية الكريمة وقد يحذف بدون ذلك قال الشاعر
فذلك ان يلق المنية يلقها |
|
حميدا وان يستغن يوما فأجدر |
اي فاجدر بكونه حميدا فان قلت كيف جاز حذف المتعجب منه مع افعل وهو فاعل قلت لانه اشبه الفضلة لاستعماله مجرورا بالباء فجاز فيه ما يجوز فيها
وفي كلا الفعلين قدما لزما |
|
منع تصرّف بحكم حتما |
كل واحد من فعلي التعجب ممنوع من التصرف والبناء على غير الصيغة التي جعل عليها مسلوك به سبيل واحدة لتضمنه معنى هو بالحروف اليق وليكون مجيئه على طريقة واحدة ادل على ما يراد به
وصغهما من ذي ثلاث صرّفا |
|
قابل فضل تمّ غير ذي انتفا |
وغير ذي وصف يضاهي أشهلا |
|
وغير سالك سبيل فعلا |
الغرض من هذين البهتين معرفة الافعال التي يجوز في القياس ان يبنى منها فعلا