جملة فهي للتنبيه على انتهاء غرض واستئناف غيره كما تقول زيد شاعر بل هو فقيه وان كان مفردا فلا يخلو اما ان يكون بعد نفي او نهي او بعد غيرهما فان كانت بعد نفي او نهي فهي لتقرير حكم ما قبلها وجعل ضده لما بعدها والى هذا اشار بقوله وبل كلكن بعد مصحوبيها تقول ما قام زيد بل عمرو فتقرر نفي القيام عن زيد وتثبته لعمرو ومثل ذلك تمثيله بلم اكن في مربع بل تيها المربع منزل الربيع والتيهاء الارض التي لا يهتدى بها وتقول لا تضرب خالدا بل بشرا فتقرر نهي المخاطب عن ضرب خالد وتأمره بضرب بشر ووافق المبرد في هذا الحكم واجاز كون بل ناقلة حكم النفي والنهي الى ما بعدها واستعمال العرب على خلاف ما اجازه قال الشاعر
لو اعتصمت بنا لم تعتصم بعدا |
|
بل اولياء كفاة غير أوكال |
وقال الآخر
وما انتميت الى خور ولا كشف |
|
ولا لئام غداة الروع اوزاع |
بل ضاربين حبيك البيض ان لحقوا |
|
شمّ العرانين عند الموت لذاع |
وان كان المعطوف ببل بعد غير النفي والنهي فهي لازالة الحكم عن ما قبلها حتى كأنه مسكوت عنه وجعله لما بعدها كقولك جاء زيد بل عمرو وخذ هذا بل ذاك
وإن على ضمير رفع متّصل |
|
عطفت فافصل بالضّمير المنفصل |
أو فاصل ما وبلا فصل يرد |
|
في النّظم فاشيا وضعفه اعتقد |
الضمير ينقسم الى بارز ومستتر والبارز ينقسم الى منفصل ومتصل اما الضمير المنفصل فكالظاهر في جواز عطفه والعطف عليه من غير ما شرط تقول زيد وانت متفقان وانا وعمرو مقيمان ولا تصحب الّا خالدا واياي وانما رأيت اياك وبشرا واما المتصل فاما مرفوع او منصوب او مجرور فان كان مرفوعا فهو والمستتر سواء في انه لا يحسن العطف عليهما الّا مع الفصل والغالب كونه بضمير منفصل مؤكد للمعطوف عليه كقوله تعالى. (ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ.) وقد يفصل بمفعول او غيره كقوله تعالى.
(يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ.) وربما اكتفي بفصل لا بين العاطف والمعطوف عليه كقوله تعالى. (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا). واجاز صاحب الكشاف في قوله تعالى. (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ.) ان يكون آباؤنا معطوفا على الضمير في لمبعوثون للفصل بالهمزة وقد يعطف على الضمير المتصل المرفوع بلا فصل كقول جرير