الكلام فيمتنع ما قبلها ان يعمل فيما بعدها وذلك كقوله تعالى. (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ.) ومنها إن ولا النافيتان اذا كان الفعل قبلها متضمنا معنى القسم لان لهما اذ ذاك صدر الكلام وذلك كقوله تعالى. (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً.) ومن امثلة كتاب الاصول احسب لا يقوم زيد ومنها لام الابتداء والقسم كقوله تعالى. (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.) وكقول الشاعر
ولقد علمت لتأتينّ منيتي |
|
ان المنايا لا تطيش سهامها |
ومنها حرف الاستفهام كقولك علمت أزيد قائم ام عمرو وعلمت هل خرج زيد وتضمن معنى الاستفهام يقوم في التعليق مقام حروفه قال الله تعالى. (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى.)
وقد الحق بافعال القلوب في التعليق غيرها نحو نظر وابصر وتفكر وسأل واستنبأ كما في نحو قوله تعالى. (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً. فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ. فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ. أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ. يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ.)
(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ.) ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم اما ترى ايّ برق ههنا وقول الشاعر
ومن انتم إنا نسينا من انتم |
|
وريحكم من ايّ ريح الاعاصر |
علق فيه نسي لانه ضد علم
لعلم عرفان وظنّ تهمه |
|
تعدية لواحد ملتزمه |
الاشارة في هذا البيت الى ما قدمت ذكره من ان افعال هذا الباب انما تعمل العمل المذكور اذا افادت تيقن الخبر او رجحان وقوعه او تحويل صاحبه اليه وان كلّا منها قد يجيء لغير ذلك فيعمل عمل ما في معناه فمن ذلك علم فانها تكون لادراك مضمون الجملة فتنصب مفعولين وتكون لادراك المفرد وهو العرفان فتنصب مفعولا واحدا كما تنصبه عرف قال الله تعالى. (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً.) وقال تعالى. (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ.) وقد تكون ايضا بمعنى انشقت الشفة العليا فلا يتعدى الى مفعول به يقال علم الرجل علمة فهو اعلم اي مشقوق الشفة العليا ومن ذلك ظنّ فانها تكون لرجحان وقوع الخبر فتنصب مفعولين وتكون بمعنى اتهم فتتعدى الى مفعول واحد تقول ظننت زيدا على المال اي اتهمته واسم المفعول منه مظنون وظنين قال الله تعالى. (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ.) اي بمتهم وقد تقدم التنبيه على استعمال بقية افعال هذا الباب في غير ما يتعدى به الى مفعولين فلا حاجة الى الاطالة بذكره