أشواط يسترضون ربهم فرضى عنهم. وقال لهم : ابنوا لى بيتا يعوذ به من سخطت عليه من خلقى ، فيطوف حوله كما فعلتم حول عرشى ، فأغفر لهم كما غفرت لكم ، فبنوا هذا البيت (١).
وفى قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ)(٢) فضائل كثيرة ودلائل باهرة وآيات ظاهرة قد تقدّم بعضها ؛ فمن بعض آياتها : ما روى : أن الحجاج بن يوسف نصب المنجنيق على جبل أبى قبيس بالحجارة والنيران ، فاشتعلت أستار الكعبة بالنار ، فجاءت سحابة من نحو جدّة يسمع منها الرعد ويرى منها البرق واستوت فوق البيت ، فمطرت فما جاوز مطرها الكعبة ، والمطاف ، فأطفأت النار ، وأرسل الله تعالى عليهم صاعقة فأحرقت منجنيقهم فتداركوه ، واحترقت تحته أربعة رجال ، فقال الحجاج : لا يهولنكم هذا فإنها أرض صواعق ، فأرسل الله تعالى عليهم صاعقة أخرى فأحرقت المنجنيق واحترق تحته أربعون رجلا. وكان ذلك فى سنة ثلاث وسبعين فى أيام عبد الملك بن مروان (٣) ، فوهى البيت بسبب ما أصابه من حجارة المنجنيق ، ثم هدم الحجاج بأمر عبد الملك ابن مروان ما زاده ابن الزّبير رضى الله عنه وبناه الحجاج. وفى رواية : فجاءت سحابة من نحو جدّة واستوت فوق البيت ، فمطرت حتى سال الميزاب فى الحجر ، ثم عدلت إلى أبى قبيس فرمت بالصاعقة وأحرقت المنجنيق ، وأمسك الحجاج عن القتال ، وكتب بذلك إلى عبد الملك بن مروان. ويجىء تمامه فى موضعه (٤).
ثم جاء أبو طاهر القرمطى فقلع الحجر الأسود والباب وأصعد رجلا من أصحابه ليقلع الميزاب ، فتردى على رأسه ومات وأخذ أسلاب أهل مكة والحجاج (٥) وانصرف ومعه الحجر الأسود وعلقه على الأسطوانة السابعة من جامع الكوفة من
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ١ / ٣٢ ، ومثير الغرام الساكن (ص : ٢٤٨) ، والحديث فيه : القاسم بن عبد الرحمن منكر الحديث.
(٢) سورة آل عمران : آية ٩٦.
(٣) إتحاف الورى ٢ / ٨٩ ، ٩٠ ، والكامل لابن الأثير ٤ / ١٤٦ ، هداية السالك ٣ / ١٣٠٩.
(٤) تاريخ الطبرى ٧ / ١٩٥ ، ٢٠٢ ، العقد الثمين ٥ / ١٤٦ ، ١٤٧.
(٥) شفاء الغرام ٢ / ٢١٩ ، درر الفرائد (ص : ٢٣٦) ، إتحاف الورى ٢ / ٣٧٧ ، الإعلام بأعلام بيت الله الحرام (ص : ١٦٣).