ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها فى صدرى ثم أطبقه» أخرجه البخارى (١).
وعنه فى حديث قدومه بمكة واستخفائه بها حين أسلم ، قال : وجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما قضى صلاته قال أبو ذر : فكنت أول من حياه بتحية الإسلام ، وقال : وعليك السلام ورحمة الله ، ثم قال : من أين أنت؟. قلت : من غفار. قال : متى كنت هاهنا؟. قال : كنت هاهنا منذ ثلاثين يوما وليلة. قال : فمن كان يطعمك؟
قلت : ما كان لى طعام إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عكن بطنى ، وما أجد فى كبدى سخفة جوع. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنها مباركة ، إنها طعام طعم ، وشفاء سقم. فقال أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ : ائذن لى يا رسول الله فى إطعامه الليلة. قال : فافعل ، فانطلق النبى صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر ـ رضى الله عنه ـ فانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابا فجعل يفيض لنا من زبيب الطائف. قال : وكان ذلك أول طعام آكله بها ، فلبثت ما لبثت ، ثم قال لى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنى قد وجهت إلى أرض ذات نخل ولا أحسبها إلا يثرب ، فهل أنت مبلغ عنى قومك ؛ لعل الله تعالى ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟. قال : فانطلقت حتى أتيت أخى أنيسا ، فقال لى : ما صنعت؟ قلت : أسلمت وصدّقت ، قال : صنعت ما صنعت إنى صدّقت وأسلمت ، ثم أتينا أمّنا ، فقالت : ما لى رغبة عن غير دينكما ؛ فإنى أسلمت وصدقت ، فتحملنا حتى أتينا قومنا غفارا ، فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله المدينة (٢).
وعن كعب أنه قال لزمزم : إنا نجدها مضنونة ضن بها لكم ، وأول من سقى ماءها إسماعيل ، إنها طعام طعم ، وشفاء سقم (٣).
وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : كان أهل مكة لا يسابقهم أحد إلا
__________________
(١) أخرجه : البخارى ٣ / ٤٩٢ ، مسلم فى الإسراء : ٢ / ٢١٧.
(٢) مسلم بشرح النووى ١٦ / ٢٧ ، أحمد فى المسند ٥ / ١٧٤ ، البيهقى فى السنن ٥ / ١٤٧ ، الطيالسى ٢ / ٢٠٣ ، ابن سعد فى الطبقات ٤ / ٢١٩ ، والهيثمى فى مجمع الزوائد ٣ / ٢٨٦ ، وعزاه للبزار والطبرانى فى الكبير ، وقال : ورجال البزار رجال الصحيح. وذكره ابن حجر فى المطالب العالية ١ / ٣٦٨ ، وعزاه لابن أبى شيبة.
(٣) أخرجه : عبد الرزاق فى مصنفه ٥ / ١١٥ ، والأزرقى فى أخبار مكة ٢ / ٥٣ ، الفاكهى فى أخبار مكة ٢ / ٣٣.