وفى عرفات تكشف الحجب بيننا |
|
فلم يبق فيها للرسوم سوى العدل |
ثم رمى ما سواه فى منى الأمن ، وذبح النفس للأضحية المسنونة فى محبة مولاه ، ويريق دمه بسكين لا يحيا إلا بلقياه ، وعند الحلق تنقص آمال غروره بدنياه ، ويتجرد بذاته من الكونين لمن خصه بحبه ووالاه. اخلع نعليك بالواد المقدس طوى. ولبس عباء العبودية للطواف بالكعبة العيانيّة. ثم الطواف حول البيت سبعا ؛ ليذكر الملائكة حول العرش طائفين ، وجولان الأرواح الطاهرة فى ملكوت رب العالمين ، فيستفيد من الرمل فى الأشواط الثلاثة الأول : الهرب من الدنيا وأهلها ، ومن المشى فى الأربعة الباقية : الأمن فى رياض الجنة مأواه ، فيكون بالله طائعا ، ومن هيبة جلاله خائفا ، وبالتعلق بأستار الكعبة تمسّك العبد المذنب بذيل المالك ، أو مثل سيد يكون عليك غضبان ؛ فإذا ركب أخذت بطرف ثوبه وبحقويه حتى يرضى عنك ، وبالسعى بين الصفا والمروة والمشى والهرولة بالفرار منه إليه.
وكان محمد بن الفضل ـ رحمه الله ـ يقول : عجبا لمن يقطع الأودية والقفار والمفاوز والبحار حتى يصل إلى بيت الملك الغفار ، وآثار رسوله النبى المختار ، كيف لا يقطع التعلقات النفسانية ، ليصل إلى الراحات الروحانية ، والدرجات العلية.
إليك قصدى لا للبيت والأثر |
|
ولا طواف بأركان ولا حجر |
صفا دمعى صفا لى حين أعبره |
|
وزمزمى دمعة تجرى من البصر |
وفيك سعيى وتعميرى ومزدلفى |
|
والهدى جسمى الذى يغنى عن الجزر |
وحمر قلبى جمار سرّه شرر |
|
والحرم تحريمى الدنيا عن الفكر |
عرفانه عرفاتى إذ مناى منى |
|
وموقفى وقفة للخوف والحذر |
ومسجد الخيف خوفى من تباعدكم |
|
ومشعرى ومقامى دونكم حظرى |
زادى رجاءى له والشوق راحلتى |
|
والماء من عبراتى والهوى سفرى |
وسئل على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ عن الموقف لم لم يكن بالحرم؟