هذا؟ فقالا : نحن مأموران بهذا البناء ، قال : فهاتما البينة على ما تدعيان ، فقامت خمسة أكبش فقلن : نشهد أن إبراهيم وإسماعيل عبدان مأموران بهذا البناء ، فقال : رضيت وسلمت ومضى (١).
ويروى : أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ جعل طول الكعبة فى السماء تسعة أذرع وطولها فى الأرض ثلاثين ذراعا وعرضها فى الأرض اثنين وعشرين ذراعا ، ولم يسقفها ، وكان بابها لاصقا بالأرض ، ولما فرغ من بنائها أتاه جبريل فأراه الطواف ، ثم أتى به جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات (٢).
ويروى : أنه كان بين ذلك وبين أن يبعث الله تعالى محمدا صلىاللهعليهوسلم ثلاثة آلاف سنة (٣).
ويقال : إن قصىّ بن كلاب جدّد بنائها بعد إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل ، ثم بنتها قريش ، وقيل : إن العمالقة بنتها بعد إبراهيم عليهالسلام ، ثم بنتها جرهم ، ثم بنتها قريش حين وهن البيت فى زمنهم فى الجاهلية ؛ وكان سبب ذلك أن امرأة جاءت بمجمرة نحو الكعبة فسقطت منها شرارة فتعلقت بكسوة الكعبة فاحترقت واحترق قرن الكبش الذى كان فدى به إسماعيل ـ أو إسحاق على الاختلاف ـ فتصدعت الكعبة بسبب ذلك ، فخافت قريش من أن ينهدم فأجمعوا على هدمها وتجديدها ، فيروى أنهم كانوا كلما أرادوا نقضها خرجت حية سوداء الظهر بيضاء البطن رأسها مثل رأس الجدى فمنعتهم عن ذلك ، فلما رأوا ذلك اجتمعوا عند المقام واتفقوا على أنهم لا يدخلون فى بنائها من كسبهم إلا طيبا حلالا ، وعجّوا إلى الله تعالى وقالوا : ربنا ما أردنا إلا عمارة بيتك فإن كنت ترضى بذلك وإلا فما بدا لك ، فإذا هم بطائر أسود الظهر أبيض البطن أعظم من النسر جاء فغرز مخاليبه فى رأس الحية حتى انطلق بها يجرها نحو أجياد.
__________________
(١) الخبر فى : هداية السالك ٣ / ١٣٢٤.
(٢) أخرجه : الحاكم فى المستدرك ١ / ٤٧٧ وصححه ، ووافقه الذهبى ، البيهقى فى السنن ٥ / ١٥٣ ، ١٥٤ ، الأزرقى فى أخبار مكة ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٣) هداية السالك ٣ / ١٣٢٦.