وغربيا فبلغت به أساس إبراهيم عليهالسلام ؛ فإنهم عجزوا عن بنائها لما قصرت بهم النفقة». ثم قال عليهالسلام لعائشة : «إن شئت أريتك القدر الذى أخرجوه من البيت حتى أن قومك لو أرادوا أن يبنوه لبنوه عليه» ، قالت : فأرانى نحوا من سبعة أذرع (١).
ولما فرغ ابن الزّبير من بناء الكعبة خلّقها من داخلها وخارجها من أعلاها إلى أسفلها بالعنبر والمسك وكساها القباطى والديباج وقال : من كان لى عليه حق وطاعة فليخرج وليعتمر من التنعيم ، فمن قدر أن يذبح بدنة فليفعل وإلا شاة وإلا فليتصدق بقدر طوله.
وخرج ابن الزبير ماشيا مع جميع الناس حتى اعتمروا ، ولم ير يوم أكثر بدنة منحورة وشاة مذبوحة من هذا اليوم (٢).
وهذه الليلة كانت ليلة الإسراء ، وقد تقدم الخلاف فيها.
واعلم أن القول الأصح عند صاحب «المنتقى» أن المعراج كان فى ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة وكثير من أهل السير على أنه كان فى ليلة السابع والعشرين من رجب قبل الهجرة بسنة ، وعليه رأى النووى ، والأقوال كثيرة لأهل السير فى ذلك (٣).
ثم هدم الحجّاج بأمر عبد الملك بن مروان زيادة ابن الزّبير وأعادها على بناء قريش ، وأبقى ما علا ابن الزّبير إلى السماء ، واستقر بناؤها على ذلك إلى اليوم فكل الكعبة اليوم بناء ابن الزّبير إلا الشق الذى من ناحية حجر إسماعيل ـ عليهالسلام ـ وهو يظهر للرائى عند رفع أستار الكعبة المشرفة.
__________________
(١) الحديث أخرجه بطرقه المختلفة : البخارى (١٥٨٣ ، ١٥٨٤ ، ١٥٨٥ ، ١٥٨٦) ، مسلم ٣ / ٣٦٨ ، أحمد ٦ / ٢٥٣ ، ٢٦٢ ، ابن ماجه (٢٩٥٥) ، النسائى (٣٨٨٦) ، مالك (٨٢٤) ، الديلمى فى الفردوس (٥١١٩) ، أبو يعلى (٤٣٦٣) ، ابن خزيمة (٢٧٤١) ، ابن حبان (٣٨١٥).
(٢) انظر عن بناء ابن الزبير للكعبة فى : الكامل لابن الأثير ٤ / ٨٧ ، شفاء الغرام ١ / ٩٧ ، درر الفرائد (ص : ١٩٨) ، الجامع اللطيف (ص : ٩١) ، أخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٠٥ ، الروض الأنف ١ / ٢٢١ ، أخبار الكرام للأسدى (ص : ١٠٨) ، إتحاف الورى ٢ / ٦٥.
(٣) انظر أقوال العلماء فى هذا الأمر فى : سبل الهدى والرشاد ٣ / ٩٤.