شريك ولا ضد».
ولما ترعرع كانت قريش تسميه محمدا الأمين لما شاهدوا فيه من الأمانة والصدق.
وزادت قريش فى طولها فى السماء تسعة أذرع ونقصت من طولها فى الأرض ما تركته فى الحجر ؛ لأنه قصرت بهم النفقة الحلال ، ورفعوا باب الكعبة ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا (١) ، وسقفوه.
ولم يزل على ذلك حتى كان زمن عبد الله بن الزّبير ـ رضى الله عنهما ـ فاستشار فى هدم الكعبة وتجديدها ، فأشار جابر بن عبد الله وغيره بهدمها وتجديدها ، وأشار ابن عباس وغيره بتركها على حالها. فعزم ابن الزّبير على هدمها ، فخرج أهل مكة إلى منى فأقاموا بها ثلاثة أيام خوفا من أن ينزل عليهم عذاب بسبب هدمها ، فأمر ابن الزّبير بهدمها فما اجترأ أحد على ذلك ، فعلاها ابن الزّبير بنفسه وأخذ المعول فجعل يهدمها ويرمى أحجارها فلما رأوا أنه لا يصيبه شىء اجترؤا وهدموها حجرا حجرا ، ثم عزل ابن الزّبير ما يصلح أن يعاد من الأحجار فى البناء فبنى به ، وما لا يصلح أن يبنى به فأمر به فدفن فى جوف الكعبة ، وبناها على قواعد إبراهيم عليهالسلام فأدخل فيها ما نقصته قريش من الحجر ، وجعل لها بابين ، وزاد فى طولها فى السماء تسعة أذرع أخرى فصار طولها فى السماء سبعا وعشرين ذراعا ، كذا قاله الأزرقى.
قال : وكان هدمها فى يوم السبت للنصف من شهر جمادى الآخر سنة أربع وستين من الهجرة.
وجعل ابن الزّبير الحجر الأسود عنده فى صندوق فى بيته وقفل عليه ، وكان قد انكسر ثلاث فلق من الحريق الذى أصاب الكعبة ، فلما بلغ البناء موضع الحجر جاء به ووضعه بنفسه وشده بالفضة. والذى حمل ابن الزّبير على ذلك قول النبى صلىاللهعليهوسلم لعائشة رضى الله عنها : «لو لا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لأمرت بهدم البيت وأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقت بابه بالأرض ، وجعلت له بابين شرقيا
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٥٧ ، وما بعدها ، شفاء الغرام ١ / ١٥٥ ، هداية السالك ٣ / ١٣٢٨.