وهذا الغسل والوضوء مشروع لأجل التنظيف لا أنه شرط لصحة الإحرام كالغسل فى يوم الجمعة والعيدين ؛ لأن الإحرام وإن كان عبادة لكن ليس فى معنى الصلاة ليشترط فيه الوضوء ؛ فيصح بدونه كالإيمان والأذان وغير ذلك.
ويستحبّ هذا الوضوء والغسل للمرأة الحائض والنفساء والصبى ؛ لما روى أن النبى عليهالسلام أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل وتحرم وهى نفساء ولدت بذى الحليفة فى الطريق (١) ، ففى حق الصبى أولى.
ثم بعد الغسل يلبس ثوبين أبيضين جديدين أو غسيلين ، والجديد أفضل ؛ لأنه أبقى وأنقى وأطيب وأطهر على مثال يوم الجمعة والعيدين إلا أن هنا يلبس إزار أو رداء ، ويكون مضطبعا فيه ، والاضطباع أن يتوشح بردائه ويخرجه من تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر ويغطيه ويبدى منكبه الأيمن ؛ فإنه سنة لما روى :أن النبى صلىاللهعليهوسلم لبس فى إحرامه إزار أو رداء على هذا الوجه واضبع هو وأصحابه رضى الله عنهم (٢).
وفى رواية : أن الاضطباع لم يبق سنة فى هذا الزمان ؛ لأن النبى صلىاللهعليهوسلم إنما فعل ذلك وأمر أصحابه لأجل المشركين إظهارا للقوة والجلادة ؛ حيث طعن المشركون فى عجزهم وضعفهم ، والأول أصح ، وأنه سنة على الوجه الذى ذكرنا.
ثم يمس طيبا فى بدنه إن كان له طيب ، وهو مستحب أى طيب شاء سواء كان طيبا يبقى عليه عينه بعد الإحرام أو لا يبقى فى المشهور من الرواية عن أبى حنيفة وأبى يوسف والشافعى وأحمد رحمهم الله (٣).
وقال محمد : يكره أن يتطيب بطيب يبقى أثره على بدنه كالمسك والغالية ويجب بذلك عنده دم ؛ لقوله عليهالسلام : «الحاج أشعث أغبر» وأثر الطيب يزيل هذا المعنى.
__________________
(١) الحديث فى مسلم (الحج : إحرام النفساء) ٤ / ٢٧.
(٢) ينظر عن ذلك : أحمد فى مسنده ٢ / ٣٤ ، أبو داود (٣٨٧٨) ، الترمذى ٣ / ٣٢٠ ، ابن ماجه (٣٥٦٧) ، ابن حبان فى موارد الظمآن (ص : ٣٤٨).
(٣) ينظر عن ذلك فى : الإيضاح فى مناسك الحج للنووى (ص : ١٥٠ ـ ١٥١) ، المنهاج بشرح مغنى المحتاج ١ / ٤٧٩ ، شرح المهذب ٧ / ٢٢٠ ، هداية السالك ٢ / ٤٨٨ ـ ٤٩٠.