إلى الله تعالى فى أن يتحمل عنهم المظالم والتبعات ، فلم يلبث صلىاللهعليهوسلم أن تبسم ، فقال له أصحابه : مم ضحكت أضحك الله سنك يا رسول الله؟ فقال : «إن عدو الله إبليس لما علم أن الله تعالى قد استجاب دعائى فى أمتى وغفر لهم المظالم فذهب يدعو بالويل والثبور ويحثو على رأسه التراب ، فأضحكنى ما رأيت من جزعه» أخرج ابن ماجه (١).
فإذا غربت الشمس أفاض إلى المزدلفة ذاكرا باكيا ملبيا مكبرا ، ويؤخر المغرب إلى العشاء ليجمع بينهما فى المزدلفة فى وقت العشاء ، ويبيت تلك الليلة بها اقتداء برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وينزل بها حيث شاء وأحب إلا الجادة ؛ فإن النزول عليها مكروه.
ويستحب أن ينزل بقرب الجبل الذى عليه الميقدة ، يقال له : قزح (٢). وهذه البيتوتة سنة وليست بواجبة. وقال الشافعى وأحمد : هى واجبة على الأصح منهما. وبه قال مالك ، حتى لو لم يبت بها ودفع منها قبل نصف الليل فعليه الدم على الأصح.
وقال الشعبى والنخعى : البيتوتة فيها ركن حتى لو تركها لم يصح حجه (٣).
قال أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ : إن القوم إذا أفاضوا من عرفات إلى جمع ، فقال الله تعالى : يا ملائكتى انظروا إلى عبادى وقفوا فعادوا فى الطلب والرغبة والمسألة ، اشهدوا أنى قد وهبت مسيئهم لمحسنهم ، وتحملت عنهم التبعات التى بينهم (٤).
فإذا أصبح يصلى الصبح بغلس ويقف عند المشعر الحرام ويدعو إلى أن يسفر جدا ، وهذه الوقفة واجبة عند أبى حنيفة حتى لو تركها من غير عذر يجب عليه
__________________
(١) أخرجه : ابن ماجه (٣٠١٣) ، أحمد فى مسنده ٤ / ١٤ ، البيهقى فى السنن ٥ / ١١٨ ، المزى فى التهذيب ٢ / ٦٦١ ، ولم يصب ابن الجوزى بذكره فى الموضوعات ٢ / ٢١٤ ، وتعقبه السيوطى فى اللآلئ ٢ / ١٢٢.
(٢) قزح : هو آخر المزدلفة ، وهو المشعر الحرام.
(٣) ينظر فى هذا : المجموع ٨ / ١٢٧ ، الأم ٢ / ٢١٢ ، هداية السالك ٣ / ١٠٤٧ ، ١٠٤٨.
(٤) ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد ٣ / ٢٥٧ ، وعزاه لأبى يعلى ، وفيه : صالح المرى وهو ضعيف.