حقهن فلا يؤمرن به ، وإنما عليهن التقصير ؛ لقوله عليهالسلام : «ليس على النساء الحلق وعليهن التقصير ، ويكفيها قدر أنملة نافذ من شعر رأسها» (١).
وفى «آداب المفتيين» : أن المرأة لو قصرت مقدار الأنملة من أحد جانبى رأسها وذلك يبلغ النصف أو دونه أجزأها.
وقال الشافعى : أحب أن تجمع المرأة ضفائرها وتأخذ من أطرافها قدر أنملة ؛ لتعم الشعر كله ، وإن قصرت ثلاث شعرات أجزأها كما فى الرجل على أصله (٢).
ثم الحلق عند أبى حنيفة ـ رضى الله عنه ـ نسك ؛ لأنه يستحق به الثواب والرحمة وأنه يختص بزمان ومكان. أما الزمان فأيام النحر ، وأما المكان فهو الحرم ؛ لأنه إذا ثبت كونه نسكا فمناسك الحج مختصة بزمان ومكان كسائر المناسك.
وقال أبو يوسف : الحلق يختص بالزمان دون المكان.
وقال محمد : يختص بالمكان دون الزمان (٣).
ثم أفاض إلى مكة فى يومه ذلك إن تيسر له ؛ لأنه الأفضل. فإن لم يتيسر له فى يوم النحر ففى الغد إلى آخر أيام النحر عندنا ، لكن الأفضل النزول فى يوم النحر وطاف طواف الزيارة على الوجه الذى وصفنا ، ويصلى الركعتين بعده كما ذكرنا قبل ، ويسمى هذا الطواف طواف الإفاضة أيضا وهو ركن الحج بالاتفاق (٤).
وإذا فرغ من الطواف رجع إلى منى ، ويبيت بها لياليها وهذه البيتوتة سنة عندنا ، وعند مالك والشافعى هى واجبة على الأصح إلا فى حق المعذور كأهل مكة ومن به عذر ومرض ، وكرعاة الإبل.
ثم عند الشافعى لو ترك المبيت بها هل يجب عليه الدم بتركه أو لا؟ فله فيه روايتان : إحداهما : يجب ؛ لأنه نسك ، والثانية : لا يجب ؛ لترك مبيتها ليلة عرفة.
__________________
(١) أخرجه : أبو داود ٢ / ٢٠٣ ، وينظر عن ذلك المبحث فى المجموع ٨ / ١٥٤ ، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر رقم ٢٨ ، وهداية السالك ٣ / ١١٥٢.
(٢) المنهاج وشرحه مغنى المحتاج ١ / ٥١.
(٣) هداية السالك ٣ / ١١٦٢.
(٤) هداية السالك ٢ / ٨٥٣ ، ٨٦٢ ، ٣ / ١١٦٣.