ويصلح أحوالنا الباطنة والظاهرة ، فإن الخطايا قد قصمت ظهورنا ، والأوزار قد أثقلت كواهلنا ، وأنت الشافع المشفوع الموعود بالشفاعة الكبرى والمقام المحمود ، وقد قال الله تعالى فيما أنزل عليك : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(١).
وقد جئناك يا حبيب الله ظالمين لأنفسنا مستغفرين لذنوبنا معترفين بإساءتنا فاستغفر لنا إلى ربنا ، واستقل لنا من ذنوبنا ، وإن لم نكن لذلك أهلا فأنت أهل الصفح الجميل والعفو عن المسيئ المعترف ، فافعل بنا ما يليق بكرمك ، فقد طرحنا أنفسنا عليك يا رسول الله ، ليس لنا منقلب عنك ولا ذهاب عن بابك ولا أحد نستشفع به غيرك ؛ لأنك نبينا ، أرسلك الله رحمة للعالمين ، وبعثك منقذا للمذنبين فلا تخيب ظننا فيك ، ولا تخلف أملنا منك ، صلى الله عليك ورضى الله عن أهل بيتك وأصحابك وأزواجك وأتباعك أجمعين ، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وإن كان أحد من إخوانه وخلّانه من المسلمين أوصاه بتبليغ السلام إلى النبى عليهالسلام فيقول : السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان يستشفع بك إلى ربك بالرحمة والمغفرة فاشفع له ولجميع المؤمنين ؛ فأنت الشافع المشفع الرؤوف الرحيم.
ثم يتحول من ذلك المكان ويدور إلى أن يقف بحذاء وجه النبى صلىاللهعليهوسلم مستديرا للقبلة ، ويقف لحظة ويصلى عليه مرة أو ثلاثا (٢).
ثم يتحول من ذلك الموضع قدر ذراع إلى أن يحاذى رأس الصديق رضى الله عنه ؛ فإن رأس الصديق عند منكب النبى صلىاللهعليهوسلم ، ثم يقول : السلام عليك يا خليفة رسول الله ، السلام عليك يا صاحب رسول الله فى الغار ، السلام عليك يا رفيق رسول الله فى الأسفار ، السلام عليك يا أمين رسول الله فى الأسرار ، السلام عليك يا صديق ، جزاك الله أفضل ما جزى إماما عن أمة نبيه ؛ فقد خلفته بأحسن
__________________
(١) سورة النساء : آية ٦٤.
(٢) هداية السالك ٣ / ١٣٧٦ ، وهذه الصيغ فى السلام على النبى صلىاللهعليهوسلم إنما هى اختيارات للعلماء ، وليس فيها تحديد ، وأى صيغة ألهمك الله إياها فهى صيغة مقبولة إن شاء الله.