ثم يأتى المنبر فيقف عنده ويدعو ويصلى ؛ فقد روى أن الدعاء هنالك مستجاب.
ثم يأتى إلى الأسطوانة الحنانة التى احتضنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيحتضنها ؛ لأنه السنة ؛ لما روى أنه صلىاللهعليهوسلم كان يستند إلى جذع ويخطب ، ثم اتخذ المنبر وكان يقوم عليه ، فحنّت التى كان يستند إليها حنينا سمعه أهل المسجد ، فأتاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمسها فسكنت ـ وفى رواية أنس رضى الله عنه : احتضنها فسكنت ـ وقال : «لو لم أحتضنه ـ يعنى الجذع ـ لحنّ إلى يوم القيامة» (١).
واعلم أن هذا الجذع ليس له اليوم عين ولا أثر ؛ فقد روى : أن أبى بن كعب ـ رضى الله عنه ـ أخذه لما غير المسجد وهدم فكان عنده فى بيته حتى بلى وأكلته الأرضة وعاد رفاة. ولكن اليوم فى موضعها أخرى تزار تبركا بها ، وهذا تمام الزيارة وآخرها فى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وليجتهد أن يبيت فى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويحيى ليلته فيه بقراءة القرآن وذكر الله تعالى ، ويكثر من الاختلاف إلى القبر المطهر والحظيرة فى كل ساعة من ساعات الليل ، ويدعو تارة سرا وتارة جهرا. ويدعو لمن أحب من إخوانه وأولاده فى دعائه ، وليكن الزائر قوى الرجاء حسن الظن ، ملاحظا لما لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عند الله تعالى من عريض الجاه وعظيم الحرمة. متصورا لما جبل عليه الصلاة والسلام من الرأفة والرحمة والشفاعة.
__________________
مسنده ٢ / ٢٤٦ ، ٣٧٦ ، البيهقى فى السنن ٥ / ٢٤٧ ، الطبرانى فى الصغير ٢ / ١٢٢ ، البيهقى فى الشعب (٤١٤٦) ، عبد الرزاق فى مصنفه (٥٢٤٣) ، أبو نعيم فى الحلية ٣ / ٢٦ ، ٢٦٤.
(١) أخرجه : أحمد فى مسنده ١ / ٢٤٩ ، ٢٦٣ ، ابن ماجه (١٤١٥) ، الدارمى (٣٩) ، أبو نعيم فى دلائل النبوة (ص : ١٤٢). وفى هذه الأحاديث دليل على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكا كأشرف الحيوانات.