ثم يرجع ويقف عند رأس النبى صلىاللهعليهوسلم بين القبر والمنبر على الوجه الذى وقف فى الابتداء (١) ، ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ، ويكثر من الصلاة على النبى صلىاللهعليهوسلم ، ويسأل الله تعالى المغفرة والرضوان لنفسه ولوالديه ولجميع المؤمنين ولمن أحب من إخوانه وأصدقائه وأستاذيه ومعلميه ، ثم يقول : اللهم إنك قلت وأنت أصدق القائلين : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(٢) سمعنا قولك ، وأطعنا أمرك ، وقصدنا نبيك مستشفعين به إليك بالمغفرة والرضوان ، ربنا اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ولو أراد أن يزيد أو ينقص فله ذلك ؛ لأنه ليس له دعاء على سبيل التعيين ؛ بل يدعو بما تيسر له (٣). والله الموفق لذلك.
ولا يصلى عند القبر صلاة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد ؛ اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٤).
وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا تتخذوا قبرى عيدا» (٥) ، ولكن يجئ إلى أسطوانة التوبة ـ التى ذكرنا ـ فيصلى عندها ركعتين ويدعو الله تعالى بالرحمة والمغفرة ، ويشكره على ما أولاه ويسأله بلوغ ما أمله ورجاه ، ثم يقصد الروضة فيصلى فيها ما تيسر ، ويكثر من الصلاة على النبى صلىاللهعليهوسلم والدعاء لنفسه فيها ؛ ففى الحديث المتفق عليه : «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة» (٦).
__________________
(١) ما ذكر من العود إلى قبالة الوجه الشريف ، والتقدم إلى رأس القبر المقدس للدعاء عقب الزيارة لم ينقل عن فعل الصحابة ، أو التابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
(٢) سورة النساء : آية ٦٤.
(٣) انظر فى الاختصار فى الدعاء : المجموع ٨ / ٢١٧ ، فتح القدير ٢ / ٣٣٧ ، شرح اللباب (ص : ٣٤١) ونبه على أن لا يغفل الزائر عن الأدب وكمال التوجه سواء اختصر صيغة السلام أم لا ؛ فإن ذلك هو الأساس.
(٤) أخرجه : أحمد فى مسنده ٢ / ٢٤٦ ، مالك فى الموطا ١ / ١٧٢.
(٥) أخرجه : أحمد فى مسنده ٢ / ٣٦٧ بلفظه فى ضمن حديث ، وأبو داود ٢ / ٢١٨ ، فى آخر المناسك ضمن حديث عن أبى هريرة (زيارة القبور). بلفظ : «لا تجعلوا».
(٦) أخرجه : البخارى (١١٩٦ ، ١٨٨٨) مسلم ٣ / ٤٦٩ ، الترمذى (٤١٧٢ ، ٤١٧٣) ، أحمد فى