فقال : «ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه» ، فجئت ، فقلت : ادخل ويبشرك رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالجنة مع بلوى تصيبك ، فدخل فوجد القفّ قد ملىء ، فجلس وجاههم من الشق الآخر. قال شريك : فقال سعيد بن المسيب : فأولتها قبورهم.
وفى حديث البخارى من حديث أنس قال : كان خاتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى يده ، وفى يد أبى بكر بعده ، وفى يد عمر بعد أبى بكر ، ثم فى يد عثمان ، فلما جلس عثمان على بئر أريس فأخرج الخاتم فجعل يعبث به فسقط فى البئر ، فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فنزح البئر فلم يجده ، وعلق عليها اثنى عشر ناضحا فلم يقدر عليه حتى الساعة.
ويقال : إن ذلك لتمام ست سنين من خلافته ، فمن ذلك اليوم حصل فى خلافته ما حصل من اختلاف الأمر لفوات بركة الخاتم فى هذه البئر.
قال ابن النجار : ذرعت طولها فكان أربعة عشر ذراعا وشبرا منها ذراعان ونيف ماء ، وعرضها خمسة أذرع ، وطول قفها الذى جلس فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصاحباه ثلاثة أذرع.
ومنها : بئر غرس : روى ابن النجار عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال : جاءنا أنس بن مالك بقباء ، فقال : أين بئركم هذه؟ يعنى : بئر غرس. فدللناه عليها ، فقال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاءها فدعا بدلو من مائها فتوضأ منه ثم سكبه فيها فما نزحت بعد.
وروى ابن النجار أيضا أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «رأيت الليلة فى المنام كأنى أصبحت على بئر من الجنة فأصبحت على بئر غرس فتوضأ منها وبزق فيها» قيل : وأهدى له عسل فذاق منه ثم صبّه فيها (١).
وزاد ابن زبالة : وحين توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم غسّل من مائها ، قيل : بوصية (٢).
وهى شرقى مسجد قباء إلى جهة الشمال بين النخيل وبينها وبين المسجد نحو من نصف ميل ، وقال المطرى : وهى اليوم ملك لبعض أهل المدينة وكانت قد
__________________
(١) وفاء الوفا ٣ / ٩٨٠ ، وعزاه لابن النجار.
(٢) وفاء الوفا ٣ / ٩٧٩.