وتنازع العلماء فيمن نذر السفر إليه للصلاة فيه أو الاعتكاف فيه (١) : هل يجب عليه الوفاء بنذره؟ على قولين مشهورين ، وهما قولان للشافعى : أحدهما : يجب الوفاء بهذا النذر ، وهو قول الأكثرين مثل : مالك وأحمد بن حنبل وغيرهما.
والثانى : لا يجب ، وهو قول أبى حنيفة ؛ فإن من أصله أنه لا يجب بالنذر إلا ما كان من جنسه واجب بالشرع ، فلهذا يوجب نذر الصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة فإن من جنسها واجب بالشرع وواجب نذر الاعتكاف فإن الاعتكاف لا يصح عنده إلا بصوم ، وهو مذهب مالك وأحمد فى أحد الروايتين عنه.
وأما الأكثرون فيحتجون بما رواه البخارى فى «صحيحه» عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من نذر أنه يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه» (٢) فأمر النبى صلىاللهعليهوسلم بالوفاء بالنذر لكل من نذر أن يطيع الله ولم يشترط أن تكون الطاعة من جنس الواجب بالشرع ، وهذا القول أصح.
وهكذا النزاع : لو نذر السفر إلى مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم ؛ مع أنه أفضل من المسجد الأقصى.
وأما لو نذر إتيان المسجد الحرام لحج أو عمرة وجب عليه الوفاء بنذره باتفاق العلماء (٣).
والمسجد الحرام أفضل المساجد ، ويليه مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم ، ويليه المسجد الأقصى. وقد ثبت فى الصحيحين عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «صلاة فى مسجدى هذا خيرا من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام».
والذى عليه جمهور العلماء أن الصلاة فى المسجد الحرام أفضل منها فى مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) انظر : إعلام الساجد (ص : ٢٦٩).
(٢) أخرجه : البخارى (الأيمان والنذور) ٦٦٩٦ ، الترمذى (الأيمان والنذور) ١٥٢٤ ، أبو داود (الأيمان والنذور) ٣٢٨٩.
(٣) انظر : إعلام الساجد (ص : ٢١٢).