وقد روى أحمد والنسائى وغيرهما عن النبى صلىاللهعليهوسلم أن الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، وأما فى المسجد الاقصى فقد روى أنها بخمسين صلاة ، وقيل : بخمسمائة صلاة ، وهو أشبه.
ولو نذر السفر إلى قبر الخليل ـ عليهالسلام ـ أو قبر النبى صلىاللهعليهوسلم أو إلى الطور الذى كلم الله عليه موسى ـ عليهالسلام ـ أو إلى جبل حراء الذى كان النبى صلىاللهعليهوسلم يتعبد فيه وجاءه الوحى فيه ، أو الغار المذكور فى القرآن ، أو غير ذلك من المقابر والمقامات والمشاهد المضافة إلى بعض الأنبياء والمشايخ ، أو إلى بعض المغارات أو الجبال : لم يجب الوفاء بهذا النذر باتفاق الأئمة الأربعة ؛ فإن السفر إلى هذه المواضع منهى عنه لنهى النبى صلىاللهعليهوسلم : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» فإذا كانت المساجد التى هى من بيوت الله التى أمر فيها بالصلوات الخمس قد نهى عن السفر إليها حتى مسجد قباء الذى يستحب لمن كان بالمدينة أن يذهب إليه لما ثبت فى الصحيحين عن ابن عمر ـ رضى الله عنه ـ عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه كان يأتى قباء كل سبت راكبا وماشيا (١).
وروى الترمذى وغيره أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «من تطهر فى بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه كان له كعمرة» قال الترمذى حديث حسن صحيح (٢).
فإذا كان مثل هذا ينهى عن السفر إليه ، وينهى عن السفر إلى الطور المذكور فى القرآن ، وكما ذكر مالك فى المواضع التى لم تبنى للصلوات الخمس ، بل ينهى عن اتخاذها مساجد ، فقد ثبت فى الصحيحين عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال فى مرض موته : «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، يحذر ما صنعوا» (٣).
قالت عائشة : ولو لا ذلك لأبرز قبره ، ولكن كره أن يتخذ مسجدا.
وفى صحيح مسلم وغيره عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ألا وإن من كان قبلكم كانوا
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه : مسلم (المساجد ومواضع الصلاة) ٥٣١ ، النسائى (المساجد) ٧٠٣ ، الدارمى (الصلاة) ١٤٠٣.