يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، وإنى أنهاكم عن ذلك» (١).
ولهذا لم تكن الصحابة يسافرون إلى شىء من مشاهد الأنبياء لا مشهد إبراهيم الخليل ـ عليهالسلام ـ ولا غيره ، والنبى صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج صلى فى بيت المقدس ركعتين كما ثبت ذلك فى الحديث الصحيح ولم يصل فى غيره ، وأما ما يرويه بعض الناس من حديث المعراج أنه صلى فى المدينة وصلى عند قبر موسى ـ عليهالسلام ـ وصلى عند قبر الخليل فكل هذه الأحاديث مكذوبة موضوعة.
وقد رخص بعض المتأخرين فى السفر إلى المشاهد ولم ينقلوا ذلك عن أحد من الأئمة ولا احتجوا بحجة شرعية.
[العبادات المشروعة فى المسجد الأقصى]
فصل : والعبادات المشروعة فى المسجد الأقصى : هى من جنس العبادات المشروعة فى مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم وغيره من سائر المساجد إلا المسجد الحرام فإنه يشرع فيه زيادة على سائر المساجد : الطواف بالكعبة ، واستلام الركنين اليمانيين ، وتقبيل الحجر الأسود.
وأما مسجد النبى صلىاللهعليهوسلم والمسجد الأقصى وسائر المساجد فليس فيها ما يطاف به ، ولا فيها ما يتمسح به ولا ما يقبل ، فلا يجوز لأحد أن يطوف بحجرة النبى صلىاللهعليهوسلم ولا بغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين ولا بصخرة بيت المقدس ، ولا بغير هؤلاء كالقبة التى فوق جبل عرفات وأمثالها ، بل ليس فى الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة.
ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع فهو شرّ ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة ؛ فإن النبى صلىاللهعليهوسلم لما هاجر فكانت قبلة المسلمين هذه المدة ، ثم إن الله حول القبلة إلى الكعبة وأنزل الله فى ذلك القرآن كما ذكر فى سورة البقرة ، وصلى النبى صلىاللهعليهوسلم والمسلمون إلى الكعبة ، وصارت هى القبلة ، وهى قبلة إبراهيم وغيره من
__________________
(١) أخرجه : مسلم ، كتاب المساجد ٥٣٢.