الله فرض على كل نبى أدرك محمدا ـ لو كان من الأنبياء ـ أن يؤمنوا به ويجاهدوا معه كما قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)(١).
قال ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ : لم يبعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق إن بعث محمد وهو حى ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه.
ولم يذكر أحد من الصحابة أنه رأى الخضر ولا أنه أتى إلى النبى صلىاللهعليهوسلم ؛ فإن الصحابة كانوا أعلم وأجل قدرا من أن يلتبس الشيطان عليهم ، ولكن لبّس على كثير من بعدهم فصار يتمثل لأحدهم فى صورة النبى ويقول أنا الخضر ، وإنما هو شيطان ، كما أن كثيرا من الناس يرى ميّته خرج وجاء إليه وكلمه فى أمور وقضاء حوائج فيظنه الميت نفسه ، وإنما هو شيطان تصور بصورته.
وكثير من الناس يستغيث بمخلوق إما نصرانى كجرجس ، أو غير نصرانى فيراه قد جاءه وربما يكلمه ، وإنما هو شيطان تصوّر بصورة ذلك المستغاث به لما أشرك به المستغيث تصوّر له ؛ كما كانت الشياطين تدخل فى الأصنام وتكلم الناس ، ومثل هذا موجود كثير فى هذه الأزمان فى كثير من البلاد.
ومن هؤلاء من تحمله الشياطين فتطير به فى الهواء إلى مكان بعيد ، ومنهم من تحمله إلى عرفة فلا يحج حجا شرعيا ولا يحرم ولا يلبى ولا يطوف ولا يسعى ولكن يقف بثيابه مع الناس ثم يحملونه إلى بلده ، وهذا من تلعب الشياطين بكثير من الناس كما قد بسط الكلام فى غير هذا الموضع ، والله أعلم بالصواب ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٨١.