علىّ مرة صلّى الله عليه بها عشرا» (١) صلىاللهعليهوسلم تسليما كثيرا.
فصل : وأما السفر إلى عسقلان فى هذه الأوقات فليس مشروعا ولا واجبا ولا مستحبا ، ولكن عسقلان كان لسكناها وقصدها فضيلة لما كانت ثغرا للمسلمين يقيم بها المرابطون فى سبيل الله ؛ فإنه قد ثبت فى صحيح مسلم عن سلمان عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «رباط يوم وليلة فى سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ، ومن مات مرابطا مات مجاهدا وأجرى عليه عمله وأجرى عليه رزقه من الجنة وأمن الفتّان» (٢).
وقال أبو هريرة : لأن أرابط فى سبيل الله أحبّ إلى من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود.
وكان أهل الخير والدين يقصدون ثغور المسلمين للرباط فيها ، ثغور الشام كعسقلان وطرسوس وجبل لبنان وغيرها ، وثغور مصر كالاسكندرية وغيرها ، وثغور العراق كعبدان وغيرها ، فما خرب من هذه البقاع ولم يبق بيوتا كعسقلان لم يكن ثغورا ولا فى السفر إليه فضيلة ، وليس فيه أحد من الصالحين المتبسعين الشريعة الإسلام ولكن فيه كثير من الجن ، وهم رجال الغيب الذين يرون أحيانا فى هذه البقاع ، قال تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً)(٣).
وكذلك الذين يرون الخضر (٤) أحيانا : هو جنى رآه ، وقد رآه غير واحد ممن أعرفه وقال : إننى الخضر ، وكان ذلك جنيا لبس على المسلمين الذى رأوه ، وإلا فالخضر الذى كان مع موسى ـ عليهالسلام ـ مات ، ولو كان حيا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لوجب عليه أن يأتى إلى النبى صلىاللهعليهوسلم ويؤمن به ويجاهد معه ؛ فإن
__________________
(١) أخرجه : مسلم (الصلاة) ٣٨٤ ، الترمذى (المناقب) ٣٦١٤ ، النسائى (الأذان) ٦٧٨ ، أبو داود (الصلاة) ٥٢٣.
(٢) أخرجه : مسلم (الإمارة) ١٩١٣ ، الترمذى (الجهاد) ١٦٦٥ ، النسائى (الجهاد) ٣١٦٧.
(٣) سورة الجن : آية ٦.
(٤) وقال ابن القيم : الأحاديث التى يذكر فيها الخضر وحياته : كلها كذب ، ولا يصح فى حياته حديث واحد. وانظر : «المنتظم» ١ / ٣٥٧ ، و «الزهر النضر» لابن حجر.