فصل : وأما زيارة بيت المقدس فمشروعة فى جميع الأوقات ولكن لا ينبغى أن يولى فى الأوقات التى تقصدها الضلال مثل وقت عيد النحر ، فإن كثيرا من الضلال يسافرون إليه ليقفوا هناك.
والسفر إليه لأجل التعريف به ـ معتقدا أن هذا قربة ـ محرّم بلا ريب.
وينبغى أن لا يتشبه بهم ولا يكثّر سوادهم ، وليس السفر إليه مع الحج قربة ، وقول القائل : «قدس الله حجتك قول باطل لا أصل له ، كما يروى : «من زارنى وزار أبى فى عام واحد ضمنت له الجنة» (١) فإن هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث ، بل وكذلك كل حديث يروى فى زيارة قبر النبى صلىاللهعليهوسلم فإنه ضعيف بل موضوع (٢) ، ولم يرو أهل الصحاح والسنن والمسانيد كمسند أحمد وغيره من ذلك شيئا ولكن الذى فى السنن ما رواه أبو داود عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما من أحد يسلم علىّ إلا ردّ الله علىّ روحى حتى أردّ عليهالسلام» (٣) فهو يرد السلام على من سلّم عليه عند قبره ، ويبلغ سلام من سلّم عليه من البعيد كما فى النسائى عنه أنه قال : «إن الله وكّل بقبرى ملائكة يبلغونى عن أمتى السلام» (٤).
وفى السنن عنه أنه قال : «أكثروا على من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة على» قالوا : كيف صلاتنا تعرض عليك وقد أرمت؟ فقال : «إن الله ـ عزّ وجلّ ـ قد حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» (٥) فبين صلىاللهعليهوسلم أن الصلاة والسلام توصل إليه من البعيد.
والله قد أمرنا أن نصلى عليه ونسلم ، وثبت فى الصحيح أنه قال : «من صلّى
__________________
(١) انظر : المقاصد ١١٢٦ ، كشف الخفاء ٢٤٩٠ ، الأسرار المرفوعة ٤٨٩.
(٢) انظر : المقاصد ١١٢٥ ، كشف الخفاء ٢٤٨٩ ، الشذرة ٩٦٠ ، ميزان الاعتدال ٢١٢١ ، سنن الدارقطنى ٢ / ٢٧٨ ، البيهقى فى السنن ٥ / ٢٤٦ ، ويراجع وفاء الوفا (ص : ١٢٣٦) وما بعدها ، والصارم المنكى ، وشفاء السقام ، وفتح البارى ٣ / ٧٩.
(٣) أخرجه : أبو داود (المناسك) ٢٤١ ، أحمد فى المسند ١٠٤٣.
(٤) أخرجه : النسائى (السهو) ٢٨٢ ، أحمد فى المسند ٣٦٥٧. ونص الحديث : «إن لله ملائكة سياحين فى الأرض يبلغونى عن أمتى».
(٥) أخرجه : النسائى (الجمعة) ١٣٧٤ ، أبو داود (الصلاة) ١٠٤٧ ، ابن ماجه (الجنائز) ١٦٣٦ ، أحمد فى المسند ١٥٧٢٩.