الأمرُ يكثر وقاره ، ويزيد اطمئنانه ، ويشرقُ لونه ، وتهدأُ جوارحه ، وتسكن نفسه (١) لأنه ـ صلوات الله عليه ـ يشاهد كل ما يجري عليه وعلى أهل بيته بعين الرضا والتسليم.
وكيف لا تطمئن نفسه وهو ينظرُ إلى في كل شيء بنور الرحمة الإلهية ، ولذا اختص بنداءٍ خاص (٢) بقوله تعالىٰ : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ ) واختص برضاه عن ربّه ورضاه عنه بقوله : ( رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ) ، واختص بعبودية خاصة وجنة خاصة منسوبة إلى الله بقوله : ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي
__________________
(١) جاء في معاني الأخبار للصدوق ـ عليه الرحمة ـ ص ٢٨٨ باب معنىٰ الموت ( ونقله في بحار الأنوار أيضاً : ج ٤٤ ، ص ٢٩٧ ) : عن أبي جعفر الثاني ، عن أبائه عليهمالسلام قال : قال علي بن الحسين عليهالسلام : لمَّا اشتدَّ الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتدُ الأمر تغيرت ألوانُهم ، وارتعدت فرائصُهم ووجلت قلوبُهم ، وكان الحسين عليهالسلام وبعضُ مَنْ معه من خصائصه تشرقُ ألوانُهم ، وتهدأُ جوارحُهم ، وتسكن نفوسُهم.
فقال بعضهم لبعض : انظروا لا يُبالي بالموت !! فقال لهم الحسين عليهالسلام : صبراً بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة ، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ؟ وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلىٰ سجن وعذاب ، إنَّ أبي حدثني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : ان الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر. والموت جسر هؤلاء إلىٰ جنانهم ، وجسر هؤلاء إلىٰ جحيمهم ، ما كذبت ولا كُذبت.
(٢) روي عن دارم بن فرقد قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إقرءوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم ، فإنها سورة الحسين بن علي عليهماالسلام وارغبوا فيها رحمكم الله تعالى ، فقال له أبو اُسامة وكان حاضرَ المجلس : وكيف صارت هذه السورة للحسين عليهالسلام خاصّة ؟ فقال : ألا تسمع إلى قوله تعالى ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ) الآية ، إنّما يعني الحسين بن علي عليهماالسلام فهو ذو النّفس المطمئنّة الرّاضية المرضيّة ، وأصحابه من آل محمد صلىاللهعليهوآله هم الراضون عن الله يوم القيامة ، وهو راض عنهم. بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٢١٨.