فكان عليهالسلام أربط جأشاً مع كل ما جرى عليه غير مكترث بعدتهم وعديدهم وقد انعكس هذا الأمر على أصحابه فكانوا غير مكترثين بما يجري عليهم ، مع علمهم بمصيرهم المهول ، إذ استقبلوه بشجاعةٍ فائقة ، لا يوجد فيها تخاذل أو تردّد بل على العكس هُم في عَدّ السويعات القليلة ، مع رجاء انقضائها وبزوغ شمس الجهاد والتضحية ، وفلق هام رؤوس الأشرار ، مع السرور والحبور وملاقاة الحور بشراء النفس ابتغاء مرضات الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله وكيف لا يكونون أشد الناس فرحاً وهم يَبلغون مَبلغَ الفتح العظيم ، ويستقبلون اعظم شهادة مقدسة عرفها التاريخ ، كما أشار إلى هذا سيد شباب أهل الجنة ـ صلوات الله عليه ـ في كتابه إلىٰ بني هاشم : فإن من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلف عني لم يبلغُ مبلغ الفتح ... (١).
وكما لا يخفى أن من آثار الفتح الفرح والاستبشار عند الفاتح ، ولعل إلىٰ هذا أشار سلمان الفارسي ـ رضوان الله عليه ـ في حديثه مع زهير بن القين ، وقد حدث به أصحابه لما التحق الأخير بركب الحسين عليهالسلام قائلاً لهم : من أحب منكم ان يَتْبعني وإلا فهو آخر العهد.
إني سأحدثكم حديثاً ، إنا غزونا البحر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال سلمان الفارسي ـ رحمة الله عليه ـ : أفرحتم بما فتَح الله عليكم وأصبتم من الغنائم ؟! قلنا : نعم ، فقال : إذا أدركتم سيدَ شباب آل محمد فكونوا أشدَ فرحاً بقتالكم معهم مما أصبتم اليوم من الغنائم ... (٢).
__________________
(١) اللهوف لابن طاووس : ص ٢٨ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ، ص ٧٦ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٣٠ ، وج ٤٥ ص ٨٥.
(٢) الإرشاد للشيخ المفيد : ص ٢٢١ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣٧٢ ، تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٢٩٩.