وهذا ما كانوا عليه ـ صلوات الله عليهم ـ إذ أخذ كل منهم يداعب الآخر ويضاحكه استبشاراً منهم بالشهادة والتي سوف يحققونها عملياً على صعيد ذلك التراب الطاهر.
وهذا في الواقع يُمثل قمة الشجاعة والصمود حيث أنهم في ساعاتهم الأخيرة ، غير مكترثين بالأعداء ، ومواقفهم ليلة العاشر تَشهد علىٰ ذلك والتي منها : موقف برير مع عبد الرحمن لما أخذ يهازله ويضاحكه إقال له عبد الرحمن : دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل ؟ قال له برير : والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ، ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون ، والله إن بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ، ولو وددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم !! (١).
وموقف حبيب بن مظاهر مع يزيد بن الحصين الهمداني ، حينما رأى يزيدُ حبيبَ خارجاً يضحك !!
فقال له : ما هذه ساعة ضحك ؟!
فقال حبيب له : فأي موضع أحق مِنْ هذا السرور ؟ والله ما هو إلا أن يميل علينا هذه الطغام بسيوفهم فنعانق الحور العين (٢).
وكذلك أيضا موقف نافع بن هلال ـ رضي الله عليه ـ الذي قضىٰ شطرَ ليله في كتابة اسمه علىٰ سهام نبله إمعاناً في طلبه المثوبة والأجر ، وإمعاناً في السخرية من
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣٢١ ، اللهوف : ص ٤١.
(٢) إختيار معرفة الرجال للطوسي : ج ١ ص ٢٩٣.