لا لأنّ الرحيل صعبٌ ولكن |
|
عشقَ النسكَ فالفراق مروعُ |
حيث لو خيروه بين جنانٍ |
|
أو رجوع لها لقال : الرجوعُ |
الأمر الذي يدل علىٰ تفانيه في العبادة ، وعشقه وتعلقه بالصلاة ، والمحافظة عليها ، والاهتمام بها مهما بلغ به الحال وكانت الظروف فلا يشغله شيءٌ عن ذلك حتى لو اجتمعت عليه الإنس والجن (١).
مع أنه مَنْ كان في مثل موقفه الرهيب كيف يتسنىٰ له أن يفرغ نفسه للعبادة ، وهو في ليلة حرب وقتال مع علمه بما يجري عليه وعلىٰ أهل بيته ؟ وأيُّ قلب يحمل مثل هذه الهموم يكون فارغاً للعبادة ويتعلق بالخالق مع تراكم الأحداث الأليمة وتعرضه للقتل والتشريد ، مع أن العبادة تحتاج إلى فراغ القلب وعدم الانشغال وراحة البال لتصفو له المناجاة مع الخالق.
ومع هذا كله نجد سيد شباب أهل الجنة عليهالسلام وبما اعتراه من المصائب والآلام يتوجه للعبادة ويفرغ نفسه لها وكأنه لم يحدث شيء من ذلك ، وهذا غاية التفاني في الله تعالىٰ والتعلق به والإخلاص إليه !.
ويذكرنا ـ صلوات الله عليه ـ بهذا أن الصلاة لا تُترك بحال من الأحوال ، لأنها الصلة والرابطة بين الخالق تعالىٰ والمخلوق فهي ربيع القلوب ، وشرف المؤمن ، وعمود الدين ، وروح العبادة ، وأول ما يُسأل عنها العبد يوم القيامة ، وهذا بعض ما يُستفاد من دروس ليلة الطف الخالدة.
__________________
(١) روي عن الإمام الصادق عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبّها بقلبه وباشرها بجسده وتفرغ لها فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على عُسرٍ أم على يُسرٍ. سفينة البحار : ج ٦ ، ٢٧١.