محتسباً حتىٰ أتاك اليقين (١).
وناهيك تعجب ملائكة السماء من صبره كما جاء في الزيارة : وقد عجبت من صبرك ملائكةُ السموات (٢).
وكان يقول عليهالسلام في أوقاتِ الشدة يوم عاشواء وهو متشحّط بدمه : صَبراً علىٰ قضائك يا رب لا إلهَ سِواكَ ، يا غِياثَ المستغيثين (٣) ما لي ربٌّ سواك ولا معبود غيرك صبراً علىٰ حكمك (٤) وناهيك عن موقفه المرير وهو يُشاهد مقتلَ رضيعه الصغير وهو يقول : اللهم صبراً واحتساباً فيك (٥).
وكيف لا يكونُ صابراً محتسباً وهو من الذين عناهم الله تعالىٰ في قوله : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ) (٦) وقوله : ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) (٧).
فالحسين عليهالسلام شخصيةٌ منفردةٌ بجميع صفات الكمال ، وتجسدت فيه كلُ صور الأخلاق ، وقد أراد عليهالسلام أن يضفي من كماله علىٰ أصحابه وأهل بيته بوصاياه لهم بالصبر الجميل ، وتوطين النفس ، واحتمال المكاره ، ليستعينوا بذلك في تحمُّل الأعباء ومكابدة الآلام ، وليحوزوا علىٰ منازل الصابرين وما أعَد اللهُ لهم.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٩٨ ، ص ٢٩٣ و ج ٩٨ ، ص ٢٥٦.
(٢) بحار الأنوار : ج ٩٨ ، ص ٢٤٠.
(٣) أسرار الشهادة : ج ٣ ، ص ٦٨.
(٤) مقتل الحسين للمقرم : ص ٢٨٣.
(٥) معالي السبطين : ج ١ ، ص ٣٤٣.
(٦) سورة السجدة : الآية ٢٤.
(٧) سورة الإنسان : الآية ١٢.