جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم ، قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله عليهالسلام فأعرض عليه ما ذكرتم ، قال : فوقفوا ثم قالوا : القه فأعلمه ذلك ، ثم القنا بما يقول ، قال : فانصرف العباس راجعاً يركض إلى الحسين عليهالسلام يخبره بالخبر.
ووقف أصحابه يخاطبون القوم ، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين : كلِّم القوم إن شئت وإن شئت كلّمتُهم ؟ فقال له زهير : أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلّمهم ؟
فقال له حبيب بن مظاهر : أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذريّة نبيه صلىاللهعليهوآله وعترته وأهل بيته عليهالسلام وعباد أهل المصر المجتهدين بالأسحار ، والذاكرين الله كثيراً (١).
فقال له عزرة بن قيس : إنك لتزكي نفسك ما استطعت !؟
فقال له زهير : يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضَّلال على قتل النفوس الزكية
__________________
شرطة الخميس ، وكان أحد الزعماء الكوفيين الذين كتبوا إلى الحسين عليهالسلام وأخذوا البيعة له ، ولما نزل الحسين عليهالسلام كربلاء سار إليه مختفياً والتحق به ، وكان معظماً عند الحسين وأهل بيته ، وذلك لجلالة قدره وعلو منزلته ، وقد حاول جهده في استقدام أنصار من بني أسد إلاّ أن الجيش الأموي حال دون وصولهم إلى معسكر الحسين ، وقد جعله الحسين على ميسرة أصحابه عند التعبئة للقتال ، وجاهد عليهالسلام مستميتاً إلى أن قُتل ، واحتز رأسه التميمي فهدّ مقتله الحسين ووقف عليه وقال : عند الله أحتسب نفسي وحُماة أصحابي.
راجع : إبصار العين للسماوي : ص ٥٧ ـ ٦٠ ، تاريخ الطبري : ج ٤ ص ٣٣٦ ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص ٨١ ـ ٨٢.
(١) وفي الفتوح لابن الأعثم : الذاكرين الله كثيراً بالليل والنهار وشيعته الأتقياء الأبرار.