عليه من عنده أو من عند غيره ، أقامَهُ اللهُ عزوجل يوم القيامة مُسودّاً وجهه ، مزرّقةً عيناهُ ، مغلولةً يداهُ إلىٰ عُنقه ، فيقال : هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ، ثم يؤمرُ به إلى النار (١).
وفي ليلة عاشوراء والتي تُمثل الظروف العصيبة تكتنف في طياتها ألواناً من الأخلاق الفاضلة ، والتي تمثل خُلق الإسلام الحنيف ، فهذا سيدُ شباب أهل الجنة ـ صلوات الله عليه ـ يضرب لنا مثالاً صادقاً في مواساة مَنْ معهُ ، وقضاءِ حوائجهم ، فتراه مَهموماً من أجل غُلام مُسلم قد أسر بثغر الري ، وقد وجد أباه مهموماً من أجله ، فيقول له عليهالسلام : رحمك الله أنت في حِلٍّ من بيعتي ، فاعمل في فكاك ابنك ، وقد أمر له بخمسة أثواب قيمتها ألف دينار ، ليستعين بها في فداءِ ابنه (٢).
هذا وقد ترىٰ كأنَّ الحالة التي يعيشُها عليهالسلام حالةً طبيعيةً في تلك الليلة حتى يطلب من أبي الغلام الأسير أن يسعىٰ لفكاك ولده من الأسر ويترك ما هو عليه ، بل ويجعله في حلٍ من بيعته !!
إنه بحق موقفٌ أخلاقي واجتماعي ، فريدٌ من نوعه ، وليس له أهلٌ غير من تَربّىٰ في حجر الرسالة وارتضع لبانَ الإباء صبياً ، وتخلق بأخلاق الأنبياء ، وتحلّىٰ بحُلية الأوصياء ، فهذه من أخلاقه الكريمة والتي أفرزت ليلةُ عاشوراء جانباً يسيراً منها !
ومن تلك المواقف أيضاً والتي تَدلُّ علىٰ مَدىٰ حرصِه عليهالسلام في قضاء حوائج الناس وحفظ حقوقهم ، وإرجاعها إليهم مهما كَلَّفَ الأمر ، وذلك حينما أمر مُنادياً
__________________
(١) أصول الكافي للكليني : ج ٢ ، ص ٣٦٧ ، ح ١ ، بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢٠١ ، ح ٨٣.
(٢) اللهوف : ص ٤٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٩٢.