من الأعمال التي قام بها الحسين عليهالسلام في هذه الليلة العظيمة هو الاستعداد التام لمواجهة الأعدء عسكرياً ، وقد أخذ علىٰ عاتقه كلَّ ما مِنْ شأنه تعزيز موقعهم في طريق مواجهو العدو.
هذا مع ما كان عليه عليهالسلام وأهل بيته وأصحابه في هذه الليلة الخطيرة التي حفِلت بالمكاره والصعاب والمخاطر ، وقد أصبحو بين اُناس ليس في قلوبهم ذرةٌ من الرحمة أو الشفقة ، فمنعوهم كلَّ الوسائل الحيوية ، وأهم ما يُعتمد عليه في الحياة إذ حالوا بينهم وبين الماء (١) الذي يلوح ببريقه يرونه ولا يصلون إليه !! حتى أضر العطش بالحسين وأهل بيته وأصحابه !!
كما مُنعوا وصولَ أي مدد للحسين عليهالسلام من شأنه أن يُعزز مكانه ويقف إلى جانبه ، كما حالوا بينه عليهالسلام وبين وصول الأسديين ، الذين جاءوا لنصرته والدفاع عنه ، بقيادة حبيب بن مظاهر من نواحي كربلاء (٢) ، وقد أخذوا أيضاً يرقبون عن كثب تحركات الحسين عليهالسلام وأصحابه ، وضيّقوا عليهم أشد تضييق وقد روي أنه نادىٰ ابن سعد : يا خيل الله اركبي وابشري ! فركب النّاسُ ، ثم زحف نحو الحسين عليهالسلام وأصحابه فكانوا علىٰ مقربة من بيوتهم بحيث كانوا يسمعون أصواتهم (٣).
هذا ولم يسلم الحسين عليهالسلام وأصحابه حتىٰ من كلمات العدو الجارحة النابية ، والتي ما زالوا يسمعونها بين الآونة والأخرىٰ ، الأمر الذي يدل علىٰ خساسة
__________________
(١) راجع : تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٢ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٨٩.
(٢) راجع : الفتوح لابن الأعثم : ج ٥ ، ص ١٠٠ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٨٦.
(٣) راجع : تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٥ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٩١.