ومساحات مترامية الأبعاد ، وحجوماً غائرة الأعماق في الوجود الإنساني عبر أزمانه المتعددة.
تُرسل الواقعة رسالتها ـ إلى هدا الكائن الحساس في زمنه المحصور المهشّم ـ عبر سياق يحفظ للرسالة هويتها وصفاتها ، وهذا السياق هو ـ عملية نقل الوقائع التاريخية المهمة ـ وسيكون هناك نظام إتصال مادّي يؤمّن وصول الواقعة بطزاجتها ونضارتها وحيويتها من المرسل ( ليلة عاشوراء ) إلى المستلم ( وهو الشاعر هنا ) وستنبري شيفرة محددة خاصة ـ يعرف الشاعر المستلم مفاتيحها ـ لإعادة حدوث الواقعة في ذهن المستلم.
بعد هذا ما الذي سيحدث ؟
هل يصح أن نعدّ المفردات التاريخية لليلة عاشوراء كمواد أولية خام للعملية التحويلية الشعرية التي ستتناولها أم لا ؟
إن مفردات ليلة عاشوراء ـ أحداثاً وشخصيات وحوارات وخِطباً ـ لحظات زمنية خاصة تجاوزة خصوصيتها المشخصة ، وتخطة إثباتها في السجلّ التاريخي لتستمرّ في نفض أغبرة النسيان عنها بنبض حيوي متصاعد لتتواصل ، مع كل اللحظات والأزمان الخاصة التي ستعقبها وتليها ، بنداء حيّ متدفق فتخاطب عقولاً وقلوباً لم تعش معها تلك اللحظة التاريخية ولم تعاصرها ولم تتزامن معها.
فهي مواد أوليّة لعملية الكتابة تشعّ إمكانات وقدرة وطاقة هائلة لا يمكن أن يحيط بكلياتها متأمل ، ولا يستطيع أن يستوعب جزئياتها متفكر ، فنرى الشعراء حيارى بين من يقارب الوثيقة التاريخية بنظمه موثّقاً ، وبين من يستبطن مفرداتها ويدور حولها متصوّراً.