والتجاور وقدرتها على الإمتداد والثبوت والإنطلاق.
أما عن قصيدتيه ( ليلة الاسى والدموع ـ ودّعيني ) فهما صدى محاكي لتجربة الشاعر في ديوانه الأخير ( الحسين .. لغة ثانية ) ولم تستطيعا تجاوز الافق الشعري الذي افترضته تلك التجربة المجدّدة ، بل إن الشاعر لا يزال يناغي الرؤيا ذاتها ويشتغل على موضوعة ليلة عاشوراء بنفس الآليات ولكن بمخطّطٍ مبتور عن الوحدة العضوية التي نسجت شبكات التعبير والتوصيل في الديوان ، فنراه قد لجأ إلى تكنيك الحوار في كلتا القصيدتين ففي قصيدة ( ليلة الاسى والدموع ) كان الحوار يدور بين ذات الشاعر ـ كمحاوِرٍ نوعيّ ـ وبين الليلة ـ كمخاطَبٍ جماعي ـ له أن يردّ أو لا يردّ الخطاب ، مما جعل الحوار ذا بعد وطرف واحد فتقلّص إلى مونولوجٍ داخلي يسرد ما يحدث بإحاطة وشمولية العارف بكل شيء.
وفي قصيدة ( ودّعيني ) يرتدي الحوار حنجرة الإمام الحسين عليهالسلام محاوراً الحوراء زينب عليهاالسلام في عرض بانورامي لما سيحدث بلغة التنبؤ وإستشراف المستقبل.
وعلى مستوى الألفاظ وطرق تركيبها فهو لا يتجاوز قاموسه الخاص ولا يتخطّى طرقه المعتادة في التركيب والبناء ، فلا يزال النسق الناري ينتظم بمفرداته ( إطفاء الشموع ، الشمس ، الجمر الوقّاد ، اللهيب ، النجوم الشاحبات ) وتدفّق مفردات النسق المائي ماثلة ( دم الطفوف ، انتظار الماء ، الظمأ ، الفرات ، قطرة من دماء ، فيضي ، يشرب السيف وريدي ، يبكي النهر ، الدمع ) إضافة للسيوف والأغماد والخيول والخيام والرماح والخضاب والرماد.
ومع انتظام الإيقاع وفق ما يؤثره الشاعر من أبحر الشعر فقد إختار تراكب الحركات الإيقاعية لبحر الخفيف لتنظيم هيكلية القصيدتين البنائية.