غَيبةَ رسول اللهِ صلىاللهعليهوآله فيك ، واللهَ لو علمتُ أني أقتلُ ثم أحيا ثم أحرقُ حيَّاً ثم اذرُّ يُفعلُ ذلك بي سبعين مرةً ما فارقتُك حتى ألقى حِمامي دونَك ، فكيف لا أفعل ذلكَ وإنما هي قتلةٌ واحدةٌ ، ثمَّ هيَ الكرامةُ التي لا انقضاء لها أبداً !.
ثم قام زُهير بن القين (١) وقال : واللهِ لوددتُ أني قُتلتُ ثم نُشرتُ ثم قُتلتُ حتى أقتلَ كذا ألف قتلةٍ ، وأن اللهَ يدفعُ بذلكَ القتلَ عن نفسِك وعن أنفُس هؤلاءِ الفتيةِ من أهل بيتك !.
وتكلم جماعةُ أصحابه بكلامٍ يشبهُ بعضه في وجهٍ واحدٍ ، فقالوا : واللهِ لا نُفارِقُكَ ، ولكن أنفُسنا لكَ الفداء ! نَقيكَ بنحورِنا وجباهِنا وأيدينا ، فإذا نحنُ قُتِلنا كُنا وفَينا وقضينا ما علينا (٢).
__________________
سعيداً وهانياً قدما عليَّ بكتبكم ، وذكر باسم سعد كما في زيارة الناحية ، كان من وجوه الشيعة في الكوفة ، وذوي الشجاعة والعبادة فيهم ، وهو أحد الرسل الذين حملوا رسائل الكوفيين إلى الحسين عليهالسلام وبعثه مسلم بن عقيل بكتاب إلى الحسين وبقي معه حتى جاء معه كربلاء ، وروى أبو مخنف : أنه لما صلّى الحسين الظهر صلاة الخوف ، اقتتلوا بعد الظهر ، فاشتد القتال ، ولما قرب الأعداء من الحسين عليهالسلام وهو قائم بمكانه ، استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين ، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يميناً وشمالاً ، وهو قائم بين يدي الحسين يقيه السهام طوراً بوجهه ، وطوراً بصدره ، وطوراً بيديه ، وطوراً بجنبيه ، فلم يكد يصل إلى الحسين عليهالسلام شيء من ذلك ، حتى سقط الحنفي إلى الأرض وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد وثمود ، اللهم أبلغ نبيك عني السلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإني أردت ثوابك في نصرة نبيك ، ثم التفت إلى الحسين ، فقال اوفيت يا بن رسول الله ، قال : نعم أنت أمامي في الجنة ، ثم فاضت نفسه النفيسة.
راجع : إبصار العين : ص ١٢٥ ـ ١٢٦ ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص ٩٠ ـ ٩١.
(١) تقدمت ترجمته.
(٢) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣١٧ ـ ٣١٨ ، نهاية الأرب للنويري : ج ٢٠ ص ٤٣٤ ، الكامل في التاريخ