وليس ظلاماً ما أرى بل صحيفةً |
|
من النور تبدو والجهادُ لها سِفْرُ |
جرت من أبيِّ الضّيمِ فيها دماؤُهُ |
|
كتاباً جهادُ الأنبياء به سطرُ |
ففي كلِّ جرحٍ من عديد جراحه |
|
لنوحٌ وبلواهُ السفينةُ والبحرُ |
وفي كلِّ حرفٍ من لهيب ندائه |
|
خليلٌ لإسماعيله في الحشا جمرُ |
وإنْ كان بالذبح العظيم فداؤُهُ |
|
لتُفْدى بإسماعيلَ فتيانه الغُرُّ |
* * *
وإنْ فخرت أرضُ الطَّواف بها جرٍ |
|
فكم هاجرٍ بالطَّفِّ أبرزها الخدرُ |
سَعتْ ألفَ شوطٍ تطلبُ الماءَ بعدما |
|
جرى في مسير النَّهر ريّقُهُ الغمرُ |
ولو ملكتْ أمراً سقت من دموعها |
|
عطاشاه لولا أنَّها أدمعٌ حُمرُ |
تسيلُ بجنب النهر يندى بها الثرى |
|
وتنسجُ برديه الشّقائقُ والزَهْرُ |
فلم يعرفِ الراؤونَ ما الدمعُ منهما |
|
غداةَ جرى من مقلتيها وما النَّهْرُ |
* * *
وهذا ابنُ عمرانَ استقلَّ جهَادَه |
|
وما صَغُرَتْ شأناً مواقفُه الكُثْرُ |
غداةَ رأى سبطَ النبيِّ بكربلا |
|
به يستجيرُ الدينُ إذ مسَّهُ الضُرُّ |
لئن خانه الحانون في الذل جبهةً |
|
وأصبتهم الدنيا فما خانه النَّصرُ |
وإن ظلَّ فرداً حيثُ خلاَّه عسكرٌ |
|
فكان له من عزمهِ عسكرٌ بحرُ |
تمنَّى كليمُ الله تفديه نفسُهُ |
|
ودونَ الحسينِ السبطِ تنحرهُ السُمْرُ |
وجلَّ الصليبُ المجتلىٰ فوق
عوده |
|
مسيحٌ كما يجلى من الغَبَش الفَجْرُ (١) |
__________________
(١) هذه الأبيات ناظرة إلى ما جاء في الإنجيل من أن المسيح عليهالسلام جزع حين رُفع على خشبة الصليب وأظهر ضعفاً ، وبالطبع هذا مفتعل على روح الله ولكن الشاعر جرى على معنى الإنجيل وفيه شبه الرد على النصارى.